وروي عن عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - أنه كان يشتري أعدالاً من السكر ويتصدق بها. فقيل له: هلا تصدقت بقيمتها؟ فقال: لأن السكر أحب إليَّ فأردت أن أنفق مما أحب.
وقال الحسن: إنكم لن تنالوا ما تحبون إلا بترك ما تشتهون، ولا تدركون ما تؤملون إلا بالصبر على ما تكرهون). (١)
[٤ - أبو الدحداح والعذق الرداح]
روى الإمام أحمد في مسنده من طريقه أنه لما نزل قول الله تعالى:{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}(٢٤٥) سورة البقرة قال أبوالدحداح: يا رسول الله!، وإن الله يريد منا القرض؟ قال:" نعم يا أبا الدحداح ". قال: أرني يدك يا رسول الله!. فناوله يده. قال: فإني قد أقرضت ربي حائطي (بستان) فيه ستمائة نخلة.
وأم الدحداح فيه وعيالها، فجاء أبوالدحداح فنادها: يا أم الدحداح. قالت: لبيك. قال: أخرجي فقد أقرضته ربي - عز وجل -. قالت: ربح بيعك يا أبا الدحداح!. ونقلت منه متاعها وصيبانها. وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" كم من عذق رَدَاح (٢) في الجنة لأبي الدحداح "(٣).
فانظر - رحمنا الله وإياك - كيف استقرت الآخرة في قلوبهم، فهانت عندهم الدنيا، يسمع أبوالدحداح الآية فيتصدق بستمائة نخلة.
(١) تفسير القرطبي (٤/ ١٢٨). (٢) عذقٌ رَدَاحٌ يعني: النخلة العظيمة بحملها. لسان العرب (٢/ ٤٤٧) طبعة دار الفكر. (٣) رواه أحمد في المسند (٣/ ٣٤٦) وابن أبي حاتم.