- الأمر الثاني أن حديثه هذا مخالف للروايات الصحيحة عن أنس في هذا؛ حيث قال في روايته المذكورة: وكان قنوته قبل ذلك، وبعده قبل الركوع، فإن الصحيح عن أنس المروي عنه من وجوه خلاف ذلك، فقد رواه أبو معاوية (١٠)، والثوري عن عاصم فخالفا أبا جعفر (١١):
قال أبو جعفر في روايته عن عاصم، عن أنس؛ إنما قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهرا يدعو على أناس قتلوا أناسا من أصحابه يقال لهم القراء.
وقال الثوري عن عاصم، عن أنس:(فمكث شهرا يدعو على قتلتهم)، ونحو هذا رواية ابن فضيل (١٢) وغيره عن عاصم.
وكذلك روى قتادة عن أنس:(أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قنت شهرا يدعو على أحياء من أحياء العرب، ثم تركه)(١٣)، ونحوه رواية موسى بن أنس عن أبيه (١٤).
وروى أبو مجلز عنه؛ قال: قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهر (١٥).
وروى إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عنه في ذلك ثلاثين صباحا (١٦). وروى محمد بن سيرين؛ قال: قلت لأنس: هل قنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في
مات في حدود الستين ومائة. / بخ ٤. -التقريب ٢/ ٤٠٦ - ت. التهذيب ١٢/ ٥٩. (١٠) رواية أبي معاوية [محمد بن حازم] عن عاصم، هي التي تقدم الكلام عليها من طرف ابن القطان، حيث قال بأن القنوت قبل الركوع من مذهب أنس، وليس مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. (١١) رواية سفيان عن عاصم، ليس فيها ذكر للقنوت قبل الركوع، ولا بعده، وإنما فيها التنصيص على الدعاء على قتلة القراء، وهذا نصها: (عن عاصم؛ قال: سمعت أنسا يقول: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد على سرية ما وجد على السبعين الذين أصيبوا، يوم بئر معونة، كانوا يدعون القراء، فمكث شهرا يدعو على قتلتهم). - مسلم: كتاب المساجد (١/ ٤٦٩ ح: ٣٠٢). (١٢) رواية ابن فصيل عن عاصم، أوردها مسلم متابعة لرواية سفيان عن عاصم (١/ ٤٦٩: متابعة لحديث: ٣٠٢). (١٣) مسلم (١/ ٤٦٩ ح: ٣٠٤). (١٤) مسلم متابعة للحديث ٣٠٣. (١٥) وتتمته (بعد الركوع ..) كما تقدم (ح: ٢٩٩). (١٦) مسلم (ح: ٢٩٧)، وليس في هذه الرواية ذكر لتوقيت القنوت، لا قبل الركوع، ولا بعده.