و"أنْ أجالسك" في محل مفعول"كرهت"، و"أن" المصدرية تقدّمت في الرّابع من أوّل الكتاب.
وقوله:"جنبًا": أي: "ذا جنابة"؛ لأنه اسم جرى مجرى المصدر الذي هو "الإجناب"(٤)، وقد تقدّم في الخامس من أوّل الكتاب القول في ذلك.
وانظر إِلَى قولُه:"قَال" من كلام أَبِي هُرَيْرَةَ بغير "فاء"، و"قَال" من كلام النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بـ"الفاء". وإنَّما سقطت"الفاء" من كلام أَبِي هُرَيْرَةَ لأنَّها جاءت على الأفصح في الجمل المفتتحة بالقول، كما قيل في قولِه تعالى: {أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠) قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ (١١) قَالَ} وما بعدها [الشعراء: ١٠، ١١، ١٢]. (٥)
وأمّا القول مع ضمير النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: فـ"الفاء" سببية رابطة؛ فاجتُلبت لذلك. (٦)
قولُه:"فكرهت أنْ أجالسك": فرّق السّهيلي بينه وبين "كرهتُ مجالستك"، فالأول يكون المكروه وقوع الفعل، وهو المجَالَسَة، وعلى الثاني المكروه ليس
(١) وهي رواية المستملي، كما في "فتح الباري" (١/ ٣٩٠). وذكرها الرشيد العطار في "غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة" (ص ١٨٤). (٢) بالنسخ: "والحاء". (٣) انظر: رياض الأفهام (١/ ٣٦٤)، وفتح الباري (١/ ٣٩٥)، وعمدة القاري (٣/ ٢٣٨)، وفتح الباري لابن رجب (١/ ٣٤٣). (٤) انظر: العين للخليل بن أحمد (٦/ ١٤٨)، وشمس العلوم (٢/ ١١٨٣، و ١١٩١)، ومجمع بحار الأنوار (١/ ٣٩٦). (٥) انظر: إرشاد الساري (١/ ٣٣٥). (٦) انظر: إرشاد الساري (١/ ٣٣٥).