ومعلوم أن الجنة لا جوع فيها ولا ظمأ، كما أخبر سبحانه في وعده لآدم - عليه السلام -: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} [طه: ١١٨ - ١١٩]، وعليه فإشارة قوله تعالى {لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ} إلى هذا المعنى محتملة غير بعيدة، ويؤيدها تكرار الاقتصار على الفاكهة في غير موضع من القرآن، كما في قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ} [ص: ٥٠ - ٥١] أي: وهم متكئون على الأرائك يطلبون أنواع الفواكة وألوان الشراب كعادة الملوك في الدنيا، فالاقتصار على دعاء الفاكهة للإيماء بأن مطاعمهم لمحض التفكه والتلذذ، دون التغذي (٢)، والله تعالى أعلم.
قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: (قوله تعالى: {ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ} أي: مصيرهم {لَإِلَى الْجَحِيمِ} قال مقاتل (٣): أي: بعد أكل الزقوم وشرب الحميم. (٤) وهذا يدل على أنهم عند شرب الحميم لم يكونوا في الجحيم وذلك بأن يكون الحميم في
(١) روح المعاني (١٢/ ٣٦). (٢) ينظر: إرشاد العقل السليم لأبي السعود (٧/ ٢٣١) (٣) هو مقاتل بن حيان النبطي، أبو بسطام البلخي الخزاز، الإمام العالم المحدث الثقة، صدوق فاضل، توفي سنة ١٥٠ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ٦/ ٣٤٠، وتقريب التهذيب ص ٤٧٦، وطبقات المفسرين للداودي ص ٥٢٠. (٤) الصحيح أنه قول قتادة وليس مقاتل. ينظر: جامع البيان (٢١/ ٥٧)، والنكت والعيون (٥/ ٥٢)