قال الله تعالى:{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}[الأنبياء: ٩٦]
قال الخطيب الشربيني - رحمه الله -: ({وَهُمْ} أي: والحال أنهم {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ} أي: نشز عال من الأرض {يَنْسِلُونَ} أي: يُسرعون من النسلان، وهو تقارب الخُطا مع السرعة كمشي الذئب (١)، وفي العبارة إيماء إلى أنّ الأرض كرة). (٢)
وجه الاستنباط:
قوله {حَدَبٍ} يفيد أن الأرض منضمٌ بعضها إلى بعض مدرمحة كالكرة.
الدراسة:
استنبط الخطيب بدلالة اللازم من الآية الإشارة إلى أن الأرض كرة، لأنه تعالى قال:{مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} والحدَب هو (٣): المرتفع من الأرض (٤)، والمعنى: أنهم يتفرقون في الأرض، وهم من كل شيء مرتفع من الأرض
(١) ينسلون: أي يهرولون ويسرعون. قال أبو إسحاق: ينسلون: يخرجون بسرعة. وقال الليث: النسلان: مشية الذئب إذا أسرع، ينظر: العين للفراهيدي (٧/ ٢٥٧)، وتهذيب اللغة للأزهري (١٢/ ٢٩٧) مادة (نسل). (٢) السراج المنير (٢/ ٥٨٥) (٣) قال الجوهري: (الحَدَبُ: ما ارتفع من الأرض، والجمع الحِداب. ومنه قوله تعالى: {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ}. والحَدَبَةُ: التي في الظَهْرِ، وقد حَدِبَ ظهرُهُ فهو حَدِبٌ، واحدودبَ مثله). الصحاح (١/ ١٠٨)، وجمهرة اللغة (١/ ٢٧٣)، وتهذيب اللغة للأزهري (٤/ ٢٤٨) قال: قال الفراء: {وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: ٩٦] من كل أكمة، ومن كل موضع مرتفع). (٤) قاله ابن عباس، وعكرمة، وأبو صالح، والثوري وغيرهم، وعن قتادة {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} قال: من كل أكمة. وقال ابن زيد، الحدب: الشيء المشرف. ينظر: جامع البيان (١٨/ ٥٣٢)، وتفسير القرآن العظيم (٥/ ٣٧٢)