فنفى قدرته عن أفعال لا يقوى عليها إلا الملائكة وليس في ذلك دلالة على أنهم أفضل من الأنبياء. (١)
وممن أشار إلى هذا المعنى من المفسرين: ابن عطية، والرازي، والبيضاوي، والقرطبي، والخازن، وأبو حيان، والشوكاني، والألوسي، والقاسمي، وابن عاشور، وغيرهم. (٢)
قال ابن عطية مؤيداً هذه الدلالة:(وتعطي قوة اللفظ في هذه الآية الملك أفضل من البشر، وليس ذلك بلازم من هذا الموضع، وإنما الذي يلزم منه أن الملك أعظم موقعاً في نفوسهم وأقرب إلى الله، والتفضيل يعطيه المعنى عطاء خفياً وهو ظاهر من آيات أخر، وهي مسألة خلاف). (٣)
وذكر الرازي وجهاً آخر في فائدة هذه الآية إضافة لإظهار التواضع منه عليه الصلاة والسلام، والاعتراف بالعبودية، وهي أن القوم كانوا يقترحون منه إظهار المعجزات القاهرة القوية، كقولهم {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا}[الإسراء: ٩٠] إلى آخر مطالبهم، فقال تعالى في آخر الآية {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا}[الإسراء: ٩٣] يعني لا أدعي إلا الرسالة والنبوة، وأما هذه الأمور التي طلبتموها، فلا يمكن تحصيلها إلا بقدرة الله، فكان المقصود من هذا