أقسم - سبحانه - أعظم قسم، بأعظم مقسم به، على أجل مقسم عليه، وأكد الأخبار بهذا القسم، ثم أكده -سبحانه- بشبهه بالأمر المحقق الذي لا يشك فيه ذو حاسة سليمة، فقال تعالى: ﴿فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣)﴾ [الذاريات: ٢٣].
قال ابن عباس ﵄:«يريد إنه لحق واقع، كما أنكم تنطقون»(٢).
وقال الفراء:«إنه لحق كما أن الآدمي ناطق»(٣).
وقال الزجاج:«هذا كما تقول في الكلام إن هذا لحق كما أنك ههنا»(٤).
(١) قال ابن عاشور: قوله: ﴿مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾ زيادة تقرير لوقوع ما أوعده بأن شبه بشيء معلوم كالضرورة لا امتراء في وقوعه وهو كون المخاطبين ينطقون. وهذا نظير قولهم: كما أن قبلَ اليوم أمس، أو كما أن بعد اليوم غدًا. وهو من التمثيل بالأمور المحسوسة، ومنه تمثيل سرعة الوصول لقرب المكان في قول زهير: فهن ووادِي الرسّ كاليد للفم وقولهم: مثل ما أنك ها هنا، وقولهم: كما أنك ترى وتسمع. (٢) لم أقف عليه. (٣) «معاني القرآن» (٣/ ٨٥). (٤) «معاني القرآن» (٥/ ٥٤)، وفيه «إن هذا لحق كما أنك متكلم».