وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: مَثَلُ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ مَثَلُ الْكَافِرِ، لَيْسَ لِقَوْلِهِ وَلَا لِعَمَلِهِ أَصْلٌ وَلَا فَرْعٌ، وَلَا يَسْتَقِرُّ قَوْلُهُ وَلَا عَمَلُهُ عَلَى الْأَرْضِ، وَلَا يَصْعَدُ إلَى السَّمَاء (١).
وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: أَنَّ رَجُلًا لَقِيَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقَالَ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي الْكَلِمَةِ الْخَبِيثَةِ؟ قَالَ: لا أَعْلَمُ لَهَا فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرًّا وَلَا فِي السَّمَاءِ مِصْعَدًا، إلَّا أَنْ يلْزَمَ عُنُقَ صَاحِبِهَا حَتَّى يُوافى بِهَا الْقِيَامَة (٢).
وَقَوْلُهُ: ﴿اجْتُثَّتْ﴾ أَي: اسْتُؤْصِلَتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ.
ثُمَّ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ عَنْ فَضْلِهِ وَعَدْلِهِ فِي الْفَرِيقَيْنِ أَصْحَابِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْكَلِمِ الْخَبِيثِ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يُثَبِّتُ الَّذِينَ آمَنُوا بِإِيمَانِهِمْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ أَحْوَجَ مَا يَكُونُونَ إلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَأَنَّهُ يُضِلُّ الظَّالِمِينَ وَهُمْ الْمُشْرِكُونَ عَنْ الْقَوْلِ الثَّابِتِ، فَأَضَلَّ هَؤُلَاءِ بِعَدْلِهِ لِظُلْمِهِمْ، وَثَبَّتَ الْمُؤْمِنِينَ بِفَضْلِهِ لِإِيمَانِهِمْ.
وَتَحْتَ قَوْلِهِ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ كَنْزٌ عَظِيمٌ مَنْ وقف عليه لِمَظِنَّتِهِ وَأَحْسَنَ اسْتِخْرَاجَهُ وَاقْتِنَاءَهُ وَأَنْفَقَ مِنْهُ فَقَدْ غَنِمَ، وَمَنْ حُرِمَهُ فَقَدْ حُرِمَ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ تَثْبِيتِ اللهِ لَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ.
فَإِنْ لَمْ يُثَبِّتْهُ وَإِلَّا زَالَ سَمَاءُ إيمَانِهِ وَأَرْضِهِ عَنْ مَكَانِهِمَا، وَقَدْ قَالَ ﷾ لِأَكْرَمِ خَلْقِهِ عَلَيْهِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ ﷺ: ﴿وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (٧٤)﴾ [الإسراء: ٧٤]، وَقَالَ ﷾: ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [الأنفال: ١٢].
(١) إسناده ضعيف: أخرجه الطبري في «التفسير» رقم (٢٠٥٣٤) من طريق أبي جعفر عن الربيع به.(٢) إسناده حسن: أخرجه الطبري رقم (٢٠٥٣٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute