ويصرِّفها (١) حيثُ شاء، ولو أُعطِيَت العقولَ على كِبَر خَلْقِها لامتنعَت من طاعته واستعصَت عليه ولم تكُن مسخَّرةً له، فأُعطِيَت من التَّمييز والإدراك ما تَتِمُّ به مصلحتُها ومصلحةُ من ذُلِّلت له، وسُلِبَت من الذِّهن والعقل ما مُيِّز به عليها الإنسانُ، ولتَظْهَر أيضًا فضيلةُ التَّمييز والاختصاص.
ثمَّ تأمَّل كيف قادها وذلَّلها على كِبَر أجسامها، ولم يكن يُطِيقُها (٢) لولا تسخيرُ الله لها (٣)؛ قال الله تعالى: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (١٢) لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: ١٢ ــ ١٣]، أي: مُطِيقين ضابطين.