الموقف، وهو حشرُهم وضمُّهم إلى النار؛ لأنه قد أخبر عنهم أنهم قالوا: {يَاوَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (٢٠) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [الصافات: ٢٠ - ٢١]، ثم قال تعالى:{احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}، وهذا (١) الحشرُ الثاني.
وعلى هذا فهم ما بين الحشر الأول ــ من القبور إلى الموقف ــ والحشر الثاني: يسمعون ويبصرون ويجادلون ويتكلَّمون (٢)، وعند الحشر الثاني: يُحْشَرون على وجوههم عُميًا وبُكمًا وصُمًّا (٣).
والمقصودُ أنَّ الله سبحانه وتعالى لما اقتضت حكمتُه ورحمتُه إخراجَ آدم وذريته من الجنة أعاضهم أفضلَ منها، وهو ما أعطاهم من عَهْده الذي جعله سببًا مُوصِلًا لهم إليه، وطريقًا واضحًا بيِّن الدلالة عليه، من تمسَّكَ به فاز واهتدى، ومن أعرض عنه شَقِيَ وغوى.
ولما كان هذا العهدُ الكريم، والصِّراط المستقيم، والنبأ العظيم، لا
(١) (ح): «وهو». (٢) كذا في الأصول، وهو مستقيم. وفي (ط): «وعلى هذا فهم ما بين الحشر الأول من القبور إلى الموقف، والحشر الثاني من الموقف إلى النار، فعند الحشر الأول يسمعون ويبصرون ... »، من تصرف الناشر، لم يفهم السياق. (٣) انظر: «تفسير الطبري» (١٧/ ٥٥٩).