وقال أبو حمزة البزَّاز (١): «من عَلِمَ طريقَ الحقِّ سَهُل عليه سلوكُه، ولا دليل على الطريق إلا متابعةُ الرسول في أقواله وأفعاله وأحواله»(٢).
وقال محمدُ بن الفضل الصوفي الزاهد (٣): «ذهابُ الإسلام على يدي أربعة أصنافٍ من الناس: صنفٍ لا يعملون بما يعلمون، وصنفٍ يعملون بما لا يعلمون، وصنفٍ لا يتعلَّمون ولا يعملون (٤)، وصنفٍ يمنعونَ الناسَ من التعلُّم» (٥).
قلتُ: الصنفُ الأول: من له علمٌ بلا عمل؛ فهو أضرُّ شيءٍ على العامَّة، فإنه حجَّةٌ لهم في كلِّ نقيصةٍ ومَبْخَسَة (٦).
والصنفُ الثاني: العابدُ الجاهل؛ فإنَّ الناسَ يحسِّنون الظنَّ به؛ لعبادته وصلاحه، فيقتدون به على جهله.
وهذان الصنفان هما اللذان ذكرهما بعضُ السَّلف في قوله: «احذروا
(١) محمد بن إبراهيم البغدادي، صوفي، عنده انحرافٌ وشَطْح، قال الذهبي: «له تأويل» (ت: ٢٦٠). انظر: «السير» (١٣/ ١٦٥). (٢) «الرسالة القشيرية» (١٠٠). وأخرجه السلمي في «طبقات الصوفية» (٢٩٨). (٣) أبو عبد الله، العلَّامة، واعظُ بَلْخ (ت: ٣١٧). «السير» (١٤/ ٥٢٣). (٤) (ت): «لا يعملون ولا يعلمون». وفي «الرسالة» ومصادر التخريج: «لا يتعلمون ما لا يعلمون». وهو من تصرُّف المصنف. (٥) «الرسالة القشيرية» (٨٨). وأخرجه السلمي في «طبقات الصوفية» (٢١٤)، وأبو نعيم في «الحلية» (١٠/ ٢٣٣)، والبيهقي في «الشعب» (٤/ ٤٣٠). (٦) البَخْس: النَّقص. وفي (ت، ق، ن): «ومنحسة»، والنَّحس: ضدُّ السَّعد.