والمشهورُ عند الناس أنَّ البخلَ يستلزم الجُبْنَ، من غير عكس؛ لأنَّ من بَخِلَ بماله فهو بنفسه أبخَل، والشجاعةُ تستلزمُ الكرم، من غير عكس؛ لأنَّ من جاد بنفسه فهو بماله أسمَحُ وأجوَد.
وهذا الذي قالوه ليس بلازمٍ وإن كان أكثريًّا؛ فإنَّ الشجاعةَ والكرمَ وأضدادها أخلاقٌ وغرائزُ قد تجتمعُ في الرجل، وقد يعطى بعضَها دون بعض (٢).
وقد شاهدَ الناسُ من أهل الإقدام والشجاعة والبأس من هو أبخلُ الناس، وهذا كثيرًا ما يوجدُ في أمَّة التُّرك؛ يكونُ أشجعَ من لَيْثٍ وأبخلَ من كلب (٣).
فالرجلُ قد يسمحُ بنفسه ويَضِنُّ بماله، ولهذا يقاتِلُ عليه حتى يُقْتَل،