وقولُه تعالى:{وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ} قال سعيد بن جبير: «على عِلْمِه تعالى فيه»(٢). قال الزجاج (٣): «أي: على ما سبقَ في علمه تعالى أنه ضالٌّ قبل أن يخلقه». {وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ} أي: طبعَ عليه فلم يسمع الهدى، وعلى قلبه فلم يعقل الهدى، و {عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} فهو لا يبصرُ أسبابَ الهدى.
وهذا في القرآن كثير، مما يبيَّنُ فيه منافاةُ الضلال للعلم، ومنه قولُه تعالى:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}[محمد: ١٦]، فلو كانوا علموا ما قال الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - لم يسألوا أهلَ العلم ماذا قال، ولما كان مطبوعًا
(١) (ح، ن): «قد فسدت عليهم». (٢) أخرج اللالكائي في «السنة» (١٠٠٣)، وابن بطة في «الإبانة» (١٦٢٢ - القدر)، والطبري في «التفسير» (٢٢/ ٧٦)، والبيهقي في «الأسماء والصفات» (١/ ٣٠٩) نحوه من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. (٣) في «معاني القرآن» (٤/ ٤٣٣).