يستهزاءُ بالحديث، فقال: والله لأقْطُرَنَّ غدًا نعلي (١)، فأطأُ بها أجنحةَ الملائكة. ففعَل، ومشى في النَّعلين؛ فجفَّت رجلاه جميعًا، ووقعَت في رِجْلَيْه الآكِلَة» (٢).
وقال الطبراني: سمعتُ أبا يحيى زكريا بن يحيى السَّاجي قال: كنَّا نمشي في بعض أزقَّة البصرة إلى باب بعض المحدِّثين، فأسرعنا المشي، وكان معنا رجلٌ ماجنٌ متَّهمٌ في دينه، فقال:«ارفعوا أرجلَكم عن أجنحة الملائكة، لا تكسروها»، كالمستهزاء؛ فما زال من موضعه حتى جفَّت رجلاه وسَقَط (٣).
وفي «السنن» و «المسانيد» من حديث صفوان بن عسَّال، قال: قلت: يا رسول الله ــ - صلى الله عليه وسلم - ــ، إني جئتُ أطلبُ العلم، قال:«مرحبًا بطالب العلم؛ إنَّ طالبَ العلم لتَحُفُّ به الملائكةُ وتُظِلُّه بأجنحتها، فيركبُ بعضُها بعضًا حتى تبلغَ السماء الدنيا، مِنْ حبِّهم لما يطلب»، وذكر حديثَ المسح على
(١) كذا في الأصول، و «المجالسة». لعله مِن: قَطَرْت البعيرَ، إذا طَلَيته بالقَطِران. «الصحاح» (قطر). وفي (ح): «لأقطرن نعلي بمسامير»، وفي طُرَّتها إشارةٌ إلى أن في نسخة: «لأطرقن»، ووردت بمعناها في بعض المصادر. (٢) «المجالسة» (٢١٥٤). والخبر في «الطيوريات» (١٩٨)، و «بستان العارفين» للنووي (١١٢)، و «مشيخة ابن الحطاب الرازي» (٩)، وفي حاشية الأخير مزيد تخريج. (٣) أخرجه الطبراني في كتاب «السُّنَّة»، كما ذكر شيخ الإسلام في «الفتاوى» (٤/ ٥٣٩)، ومن طريقه الخطيب في «الرحلة» (٨)، والهروي في «ذم الكلام» (٤/ ٣٦٩)، والنووي في «بستان العارفين» (١١١).
وقال الحافظ عبد القادر الرهاوي: «إسناد هذه الحكاية كالأخذ باليدين، أو كرأي العين؛ لأن رواتها أعلام، وراويها إمام». انظر: «فيض القدير» (٢/ ٣٩٣).