أبيه، أنه كان يَعْجَبُ ممَّن يصدِّقُ بالطِّيَرة، ويعيبُها أشدَّ العيب، وقال: فَرَقَت لنا ناقةٌ وأنا بالطَّفِّ (١)، فركبتُ في إثرها، فلقيني هاناء بن عبيد من بني وائل وهو مسرع، وهو يقول:
* والشرُّ يُلْقَى مطالعَ الأكَم * (٢)
ثمَّ لقيني آخرُ من الحيِّ، وهو يقول:
ولئن بَغَيْتُ (٣) لهم بُغا ... ةً ما البُغاةُ بواجِدينا (٤)
ثمَّ دفَعنا إلى غلامٍ قد وقعَ في صغره في نار، فأحرقَته، فقبُح وجهُه (٥) وفَسَد، فقلتُ له: هل ذكرتَ من ناقةٍ فارِق؟ قال: هاهنا أهلُ بيتٍ من الأعراب، فانظُر، فنظرتُ فإذا هي عندهم وقد أنتجَت، فأخذناها وولدَها.
قال أبو محمد: الفارِق: التي حَمَلَت ففارقَت صواحبَها.
(١) أرضٌ من ضاحية الكوفة. انظر: «معجم البلدان» (٤/ ٣٦). ووقع في الأصول: «بالطائف». وهو بعيد. والمثبت من «تأويل مختلف الحديث» و «عيون الأخبار» (١/ ١٤٥) و «التمهيد» (٢٤/ ١٩٧) حيث روى الخبر من طريق ابن قتيبة. (٢) أي: الشرُّ ظاهرٌ بارز. انظر: «تهذيب اللغة» (٢/ ١٧٤)، و «أساس البلاغة» (طلع). وهو عجز بيت للنابغة الجعدي في ديوانه (١٥٠)، وصدره: * من عهد ما أورثت حبيبه * (٣) كذا في الأصول، ومطبوعتي «تأويل مختلف الحديث»، و «الحيوان» (٣/ ٤٥٠). وفي ديوان لبيد، و «عيون الأخبار»، و «نثر الدر» (٧/ ٢٣٧)، وإحدى نسخ «الحيوان»: «بعثت»، وهي أجود. (٤) البيت للبيد في «ديوانه» (٣٢٣). (٥) (ت، ص): «فقيح وجهه» بالياء آخر الحروف.