وهذا كقوله تعالى:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}[الإسراء: ١٣]، أي: ما يَطِيرُ له من الخير والشرِّ فهو لازمٌ له في عنقه، والعربُ تقول: جرى له الطَّائرُ بكذا من الخير والشرِّ.
قال أبو عبيدة: الطَّائر عندهم: الحظُّ، وهو الذي تسمِّيه العامة: البَخْت (٢)، يقولون: هذا يَطِيرُ لفلان، أي: يحصُل له.
قلت: ومنه الحديث: «فطارَ لنا عثمانُ بن مظعون»(٣)، أي: أصابنا بالقُرعة لما اقترعَ الأنصارُ على نزول المهاجرين عليهم.
وفي حديث رويفع بن ثابت:«حتى إنَّ أحدَنا ليَطِيرُ له النصلُ والرِّيش وللآخَرِ القِدْح»(٤)، أي: يحصُل له بالشركة في الغنيمة.
وقيل في قوله تعالى:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ}: إنَّ الطَّائر هاهنا هو العمل. قاله الفرَّاء (٥). وهو يتضمَّن الردَّ على نفاة القَدَر (٦).
(١) انظر: «معاني القرآن» للنحاس (٥/ ٤٨٥). (٢) انظر: «مجاز القرآن» (١/ ٣٧٢)، و «غريب الحديث» للخطابي (٢/ ١٦٩). (٣) أخرجه البخاري (١٢٤٣). (٤) أخرجه أحمد (٤/ ١٠٨)، وأبو داود (٣٦)، وغيرهما، وفي إسناده اختلاف، وجوَّده النووي في «المجموع» (٢/ ١٣٣)، وابن مفلح في «الآداب الشرعية» (٣/ ١٤١). وانظر: «مسند البزار» (٢٣١٧). (٥) «معاني القرآن» (٢/ ١١٨). (٦) انظر: «نكت القرآن» للقصاب (٢/ ١٠٨)، و «تهذيب اللغة» (١٤/ ١١، ١٢)، و «شفاء العليل» (٢٢١).