فأخبَر تعالى أنه شَرع لنا دينَه الذي وصَّى به نوحًا والنَّبيِّين من بعده، وهو دينٌ واحد، ونهانا عن التفرُّق فيه (٢)، ثمَّ أخبَرنا أنه ما تفرَّق مَنْ قبلنا في الدِّين إلا بعد العلم الموجِب للاتفاق (٣) وعدم التفرُّق، وأنَّ الحامل على ذلك التفرُّق البغيُ من بعضهم على بعض، وإرادةُ كلِّ طائفةٍ أن يكون العلوُّ والظُّهورُ لها ولقولها دون غيرها. وإذا تأمَّلتَ تفرُّق أهل البدع والضَّلال رأيتَه صادرًا عن هذا بعَيْنه.
ثمَّ أمر سبحانه نبيَّه أن يدعو إلى دينه الذي شرعَه لأنبيائه، وأن يستقيمَ كما أمره ربُّه، وحذَّره من اتِّباع أهواء المتفرِّقين، وأمره أن يؤمنَ بكلِّ ما أنزله
(١) (ت): «ودين الحق ليظهره على الدين كله». (٢) (ق): «التفريق فيه». (٣) في الأصول: «للاثبات». والمثبت أشبه.