وقد جاء الإثبات المجمل في الصفات في القرآن كقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾ [النحل: ٦٠] أي: الوصف الأعلى، فهذا مجمل، حيث لم يذكر الله في الآية صفة الرضا، أو المحبة، أو العلم، أو القدرة، أو ما إلى ذلك من الصفات، إنما قال: ﴿وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى﴾.
ويأتي النفي مفصلاً في القرآن أحياناً؛ كقول الله تعالى: ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩] وقوله تعالى: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٥] فهذا نفي لصفة السِّنَة، وصفة النوم، وصفة الظلم، وهو نفي مفصل.
ويأتي النفي مجملاً في القرآن أحياناً؛ كقول الله تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥]، وقوله تعالى: ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾ [ق: ٣٨].
فقول أهل السنة بإثبات مفصل ونفي مجمل هذا من حيث الأصل والقاعدة، فإن الغالب في كلام الله وكلام نبيه ﷺ هو ذكر التفصيل في مقام الإثبات، وذكر الإجمال في مقام النفي، وإلا فإن هذا يقع وهذا يقع.
ثانيا: أن كل نفي مفصل في القرآن فإنه يتضمن أمراً ثبوتياً (١)؛ فلما نفى الله عن نفسه الظلم في قوله: ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: ٤٩] دل ذلك على إثبات العدل، فكان نفي الظلم يتضمن كمال العدل، ولذلك هذا النفي المفصل يقال: إنه يتضمن أمراً ثبوتياً وهو كمال الضد، ولما نفى عن نفسه السِنة والنوم في قوله: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ [البقرة: ٢٥٥] دل ذلك على كمال حياته وقيوميته؛ والله تعالى لا يبتدئ بذكر النفي المفصل في أوائل الآيات في كتابه الكريم، إنما الذي يُبتدأ به هي صفات الإثبات، ولذلك لما قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، ثم قال سبحانه بعد ذلك: ﴿لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ﴾ من باب تحقيق كمال حياته وقيوميته (٢).
ومن الأمثلة كذلك على تضمن النفي لإثبات صفات الكمال قول الله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] لكمال غناه وملكه وربوبيته، وقوله تعالى: ﴿لَا