وقد نَسَبَهُ النَّحَّاس (ت:٣٣٨) إلى الأخفشُ (ت:٢١٥)(٣)، كما نَسَبَهُ الأزهريُّ (ت:٣٧٠) إلى أكثرِ المفسِّرين (٤).
إذا تأملتَ هذه الأقوالَ، وجدتَ أنَّ القولَ الأوَّلَ الذي قال به السَّلفُ وجمعٌ من اللغويِّينَ أقربُ إلى الذِّهنِ مِنَ المعنيينِ الآخَرَيْنِ، وهما ـ مع كونهما محتملينِ ـ مرجوحانِ بسبب أنَّ القولَ الأوَّلَ هو الأقربُ المتبادرُ للذِّهنِ، واللهُ أعلمُ (٥).
٢ - اختلفَ المفسِّرونَ في لفظِ الثِّيابِ مِنْ قَوْلِه تعالى:{وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر: ٤] على أقوالٍ، منها:
القولُ الأوَّلُ: ثيابك: الثيابُ الملبوسةُ، ويكونُ ذلك بإبعادِ النجاسةِ عنها.
(١) ينظر: نسبته إليه في: الكامل، للمبرد (٢:٦٦٩)، ومعاني القرآن، للنحاس (٥:٦٣)، ومقاييس اللغة، لابن فارس (٤:١٥٩). (٢) مقاييس اللغة (٤:١٥٩). (٣) معاني القرآن، للنحاس (٥:٦٣). والذي في معاني القرآن للأخفش (٢:٤٦٠): «يزعمون أنها على الجماعات». (٤) تهذيب اللغة (١:٢٥٢). وهذه النسبة إن كان المراد بها مفسري السلف، ففي ذلك نظر، والله أعلم. (٥) لا يشكل على هذا قوله: {خَاضِعِينَ} حيث جاءت على جمع ما يعقل، والأعناق تجمع على ما لا يعقل، وقد أجاب العلماء عن هذا بأجوبة، منها. ١ - أنها لما نُسِب إليها فعل يناسب العقلاء جاء الجمع على جمعهم؛ كقوله تعالى: {رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ} [يوسف: ٤]. ٢ - أنَّ خاضعين صفةٌ للكنايةِ عن القوم، التي هي الضمير «هم» في أعناقهم، والتقدير: فظلت أعناق القوم خاضعين. وقد سبق ذكرُ هذا التخريجِ، وينظر: مجاز القرآن (٢:٨٣)، وتفسير الطبري، ط: الحلبي (١٩:٥٩ - ٦٢).