أمَّا المعاني، فلمْ تكنْ في كتابِه كثيرةً، بلْ كانتْ قليلةً جداً بالنَّسبةِ للكتابِ، وقدْ يُصَدِّقُ هذا ما وردَ عنْ تلميذِه أبي حاتم السِّجسْتَانيِّ (ت:٢٥٥) وغيرِهِ مِنْ أنَّ الأخفشَ (ت:٢١٥) كانَ عَالِمَ نَحْوٍ ولم يكنْ عَالِمَ لُغَةٍ (٧).
وقد وردتْ روايةٌ تدلُّ على أنه ألَّفَ في غريبِ القرآنِ، قالَ تلميذُه أبو حاتمٍ السِّجستانيِّ (ت:٢٢٥): «كانَ الأخفشُ قد أخذَ كتابَ أبي عبيدةَ في القرآنِ (٨)، فأسقطَ منه شيئاً، وزادَ شيئاً، وأبدلَ منه شيئاً.
قال أبو حاتمٍ: فقلتُ له: أيُّ شيءٍ هذا الذي تصنعُ؟! من أعرفُ بالغريبِ، أنت أو أبو عبيدة؟
فقال: أبو عبيدة.
(١) لاستظهارِ ذلك، ينظر (فهرس النحو) الذي صنعته المحققة هدى قراعة (٢:٧٦٥ - ٨٠٢). (٢) معانى القرآن (١:٣٤). (٣) معاني القرآن (١:٣٩). (٤) معاني القرآن (١:٤٣). (٥) معاني القرآن (١:٤٤). (٦) معاني القرآن (١:٤٥). (٧) قال أبو حاتم: «ولم يكن عالماً بكلام العرب، وكان عالماً بقياس النحو». تهذيب اللغة (٩:٢٠). ولا يعني هذا عدم ورود تفسير ألفاظ العرب عنه، لكنَّ الظاهر أنَّ علمَ النحو غلب عليه وطغى، وقد ورد في طبقات النحويين واللغويين (ص:٧٤)، عن ثعلب الكوفي قال: «أول من أملى غريب كل بيت من الشعر تحته الأخفش». ومن يقوم بهذه المهمة لا شكَّ أنه سيكون له رصيدُ من معرفة اللغة، وإلاَّ لما قام ببيان الأشعار وتفسيرها، ولكنه فيما يبدو من نقدهم له كانَ أقلَ من معرفته بالنحو، والله أعلم. (٨) يقصد: مجاز القرآن، وسيأتي الحديث عنه في المصدر الثالث: كتب الغريب.