وهذا المعنى لا مدخل له في هذه الآيةِ، إلاَّ أن تُتَأوَّلُ اللَّفظةُ بمعنى: ألقته الشياطينُ في هُوَّةٍ، وقد ذهب إليه أبو عليٍّ (١)، وقال: هو بمعنى أهوى، كما أنَّ استزلَّ، بمعنى أزلَّ (٢).
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والتحرير أن العربَ تقولُ: هَوِيَ، وأهواه غيره، واستهواه، بمعنى: طلب منه أن يهويَ هو، أو طلبَ منه أن يُهوِي شيئاً.
ويُستعمل الهُوِيُ أيضاً في ركوبِ الرأسِ في النُّزوعِ إلى الشيءِ، ومنه قوله تبارك وتعالى:{فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ}[إبراهيم: ٣٧]، ومن قول شاعرِ الجنِّ (٣):
٣ - وفي قوله:{نَزَّاعَةً لِلشَّوَى}[المعارج: ١٦]، قال: «والشَّوى: جِلدُ
(١) الحسن بن أحمد بن عبد الغفار، أبو علي الفارسي، العلامة النحوي، أخذ عن الزجاج، وتتلمذ عليه خلق؛ منهم تلميذه الشهير ابن جني، له مصنفات، منها: الحجة في القراءات، والأغفال على ما أغفله الزجاج في معانيه، توفي سنة (٣٧٧). ينظر: إنباه الرواة (١:٣٠٨ - ٣١٠)، والبلغة في تراجم أئمة اللغة (ص:٨٠ - ٨١). (٢) ينظر هذا النقل في الحجة للقراء السبعة، لأبي علي الفارسي، تحقيق: بدر قهوجي وبشير حويجاتي (٣:٣٢٥). (٣) البيت في سيرة ابن هشام، تحقيق: مصطفى السقا وآخرون (١:٢٢١)، قال: وأنشدني بعض أهل العلم، ثمَّ ساق هذا البيت وبيتاً قبله. (٤) المحرر الوجيز، ط: قطر (٥:٢٤٢)، وقد قال بعد ذلك: «وقوله: {فِي الأَرْضِ} يحكم بأن {اسْتَهْوَتْهُ} إنما هو بمعنى استدعت هُويَّه الذي هو الجِدُّ في النُّزوعِ». (٥:٢٤٣).