أما إذا ارتبطت الخصومة بمسلم فيجب الحكم فيها باتفاق (١).
قال القرطبي:«وقال النحاس في الناسخ والمنسوخ له، قوله تعالى: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ منسوخ؛ لأنَّه إنما نزل أوَّل ما قدم النبي ﷺ المدينة، واليهود فيها يومئذ كثير، وكان الأدعى لهم والأصلح أن يُرَدُّوا إلى أحكامهم، فلما قوي الإسلامُ، أنزل الله ﷿: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ﴾ [المائدة: ٤٩]. وقاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والزهري وعمر بن عبد العزيز والسدي، وهو الصحيح من قول الشافعي، قال في كتاب الجزية: ولا خيار له إذا تحاكموا إليه؛ لقوله ﷿: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]. قال النحاس: وهذا من أصح الاحتجاجات؛ لأنه إذا كان معنى قوله: ﴿وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ أن تجري عليهم أحكام المسلمين، وجب ألا يُرَدُّوا إلى أحكامهم، فإذا وجب هذا، فالآية منسوخة»(٢).
• الحكم الثاني: إذا حكم بين الكفار يجب أن يحكم بالعدل.
مأخذ الحكم: الأمر في قوله: ﴿فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ﴾، أي: بالعدل، وثناء الله على الفاعل بقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾.