مأخذ الخلاف راجع إلى معنى (الباء) في قوله: ﴿وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾.
فالذين قالوا: بمسح جميع الرأس ذهبوا إلى أن (الباء) زائدة مؤكدة، فالمعنى: امسحوا رؤوسكم أنفسها، وعليه فيجب مسح جميع الراس على نص الآية.
وقال بعضهم: إنّ (الباء) على بابها للإلصاق، ليست بزائدة. والمعنى على ثبوت (الباء) أو سقوطها سواء، وذلك يوجب عموم المسح.
قال ابن الفرس: «وهذا الوجه أحسن؛ لأنّ زيادة (الباء) في هذا الموضع غير معروف في كلام العرب» (١).
أمّا الذين ذهبوا إلى جواز مسح بعضه فقالوا: إنّ (الباء) للتبعيض، فيقتضي مسح بعض الرأس، وكونها للتّبعيض بيانه - عند من قال به - قالوا: إنّ الباء إذا دخلت على فعل يتعدى من غير (باء) اقتضت التبعيض فيه؛ وذلك لأنّ أهل اللسان فرقوا بين قولهم:(أخذت قميص فلان)، وبين قولهم:(أخذت بقميص فلان) فيحملون الأوّل على أخذ جميعه، والثّاني: على التعلق ببعضه، وكذا في الآية، فإذا قال:(مسحت يدي بالمنديل) و (مسحت يدي بالحائط) عقل من ذلك كله التبعيض، فدّل على أن ذلك مقتضاه.
وقد أنكر بعض أهل اللّغة - كابن جني، وابن برهان - هذا التّفريق، وقال ابن جني:«من قال: إن الباء للتبعيض فقد أتى أهل اللغة بما لا يعرفونه»، ولذا أولوا ما استدل به على التضمين، أو أن التبعيض إنما استفيد من القرائن (٢).
نوقش: بأنها شهادة نفي لا تقبل.
(١) انظر: أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٣٦٩). (٢) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٥٧١)، أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ٣٦٩)، وانظر: سر صناعة الإعراب (١/ ١٢٣)، وشرح اللمع لابن برهان (١/ ١٧٤)، التحبير للمرداوي (٢/ ٦٧٠)، المغني (١/ ١٧٦).