قال القرطبي:«لا خلاف بين علماء الأمصار أن الإحصار عامٌّ في الحج والعمرة. وقال ابن سيرين: لا إحصار في العمرة، لأنها غير مؤقتة، وأجيب بأنها وإن كانت غير مؤقتة لكن في الصبر إلى زوال العذر ضرر، وفي ذلك نزلت الآية»(١).
فمأخذ الحكم: أن الإحصار في العمرة كان سبباً لنزول الآية، وسبب النزول قطعي الدّخول، وقاس العلماء الحجّ عليه؛ لأنّه بمعناه.
• الحكم الثالث: أن المحصر ممنوع من حلق شعره حتى يبلغ الهدي محله، ومفهومه أنه: إذا بلغ الهدي محله فللمحرم أن يحلق رأسه.
مأخذ الحكم: مفهوم الغاية الوارد في الآية بحرف (حتى).
قال أبو حيان ﵀:«هذا نهي عن حلق الرأس مغيا ببلوغ الهدي محله، ومفهومه: إذا بلغ الهدي فاحلقوا رؤوسكم»(٢).
• الحكم الرابع: الخلاف في المحصر المكي هل يجب عليه الهدي كالأفاقي.
قيل: إنّه كغيره، فيجب عليه الهدي.
ومأخذ الحكم: عموم الضمير في قوله ﴿أُحْصِرْتُمْ﴾ يشمل المكي وغيره.
وقيل: ليس عليه هدي، استدلالًا في الظاهر بقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾
قلت: وهذا الاستثناء يرجع الإشارة فيه إلى صحة التمتع المترتب عليه هذه الكفارة أو راجع إلى سقوط الدّم عن المتمتع كما سبق.
(١) الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٧٧). (٢) البحر المحيط (٢/ ٢٥٨).