• الحكم الثاني: وجوب الحجّ والخلاف في وجوب العمرة.
أمّا الحجّ فوجوبه أمر متفق عليه ومعلوم من الدّين بالضرورة، وسيأتي في قوله: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [آل عمران: ٩٧].
أمّا العمرة فمأخذ من قال بالوجوب ما يأتي:
أولًا: إن من معاني الإتمام المأمور به: الأداء والإتيان.
قال القرطبي:«اختلف العلماء في المعنى المراد بإتمام الحج والعمرة لله، فقيل: أداؤهما والإتيان بهما، كقوله: ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: ١٢٤] وقوله: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: ١٨٧] أي ائتوا بالصيام، وهذا على مذهب من أوجب العمرة»(١).
ثانيًا: قراءة ﴿والعمرةُ لله﴾ بالضّم، وقد كان يقرأ بها من الصحابة ابن عمر وابن عباس ﵃، وهي بذلك تكون خبرًا بمعنى الأمر.
ثالثًا: قراءة ﴿وأقيموا الحجّ والعمرة لله﴾ (٢) على أن القراءة الشّاذة حجة.
رابعًا: إذا كان الإتمام واجبًا؛ فإنّ الأداء واجب.
وهذا المأخذ فيه نظر، قال ابن القصار:«فيقال لهم هذا غلط؛ لأنّه من أراد أن يفعل السنة فواجب أن يفعلها تامّة، كمن أراد أن يصلي تطوعًا، فيجب أن يكون على طهارة … »(٣).
قال القرطبي: «في هذه الآية دليل على وجوب العمرة؛ لأنه تعالى أمر بإتمامها
(١) الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٦٥). (٢) انظر: تفسير البغوي (١/ ٢٤١)، حدائق الروح والريحان للهرري (٣/ ٢٠٠). (٣) أحكام القرآن لابن الفرس (١/ ٢٣٤).