والكراهية لا تنافي الجواز؛ لذا قال ابن عبد البر:«وقد أجمع العلماء وجماعة أئمة الفتيا من الفقهاء: أن البحر طهور، وأنّ الوضوء جائز به»(٢).
• الحكم الثاني: اختلف العلماء في أقسام المياه.
فذهب الجمهور إلى تقسيمها إلى ثلاثة أقسام: طهور، وطاهر، ونجس.
ومأخذ الحكم: أن قوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ يدل على أنّ الطّاهر غير الطّهور، وإلّا لزم التّأكيد، والتأسيس أولى (٣).
ومن العلماء من جعل الماء قسمين:
ومأخذ الحكم: القول بأن الأسماء التي أطلقها الشّارع تبقى على إطلاقها، فأطلق الماء فكل طاهر منه فهو طهور، ولم يفرق بينهما.
قال شيخ الإسلام:«إنّ الشّارع علق الطهارة بمسمى الماء في قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ ولم يفرق بين ماء وماء ولم يجعل الماء نوعين طاهرا وطهورا … »(٤).
وقال أيضا: «لا فرق بين المتغير بأصل الخلقة وغيره ولا بما يشق الاحتراز
(١) قال ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ٤٤٧): «قال ابن عمر ﵁: إنه لا يجوز الوضوء به؛ لأنه ماء النار، أو لأنه طين جهنم، وكأنهم يشيرون إلى أنه ماء عذاب، فلا يكون ماء قربة». (٢) التمهيد (١٦/ ٢٢١)، وانظر الاستذكار (١/ ١٥٩)، وقد حكي عن ابن عمر كراهية الوضوء به، وأكثر صحابة رسول الله ﷺ على خلافه، قال ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ٤٤٧): «قال ابن عمر ﵁: إنه لا يجوز الوضوء به؛ لأنه ماء النار، أو لأنه طين جهنم، وكأنهم يشيرون إلى أنه ماء عذاب، فلا يكون ماء قربة». (٣) انظر: مغني المحتاج للشربيني (١/ ٢٩). (٤) مجموع الفتاوى (٢١/ ٣٥).