قال الرافعي: الجملة الثالثة: ما يتأخر عن نَفْسِ الخُطبة، وهو أن يأخذ في النزول والمؤذن في الإقامة ويبتدر ليبلغ المِحْراب مع فراغ المؤذن من الإقامة، والمعنى فيه المبالغة في تحقيق الموالاة.
قال الرافعي: مقصود الباب الكلام فيمن تلزمه الجمعة ومن لا تلزمه، وللزومها خمسة شروط:
أحدها: التكليف فلا جمعة على صبي ولا مجنون كسائر الصَّلوات، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"الْجُمُعَةُ حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إلاَّ أرْبَعَةً عَبْداً أَوْ امْرَأَةً أَوْ صَبيّاً أَوْ مَرِيضاً"(١) الثَّانِي الحرية [فلا تجب](٢) على عبدٍ، خلافاً لأحمد في رواية، والأصح عنه أيضاً مثل مذهبنا لما ذكرنا من الخبر.
وأيضاً فقد روي عن جابر -رضي اِللهِ عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْم الآخِرِ فَعَلَيْهِ الْجُمُعَةِ، إِلاَّ عَلَى امْرَأْةٍ أو مُسَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مَرِيضٍ"(٣)، ولا فرق في ذلك بين القِنّ والمدبّر والمكاتب.
الثالث: الذكورة؛ فلا جُمْعَة على امرأةِ، لما روينا من الخبرين، والخنثى المشكل كالمرأة، قاله صاحب "التهذيب" وغيره؛ لأنه يحتمل أن يكون أنثى فلا يلزمه بالشَّك.
الرابع: الإقامة فلا جمعة على مسافر؛ للخبر الثاني، فلو كان وقت الجمعة في بلد على طريقه استحب له حضورها، وكذلك القول في الصَّبِيِّ والعبد.
(١) أخرجه أبو داود (١٠٦٧) والدارقطني (٢/ ٣) ومن طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك (١/ ٢٨٨) وانظر خلاصة البدر المنير (١/ ٢١٦ - ٢١٧). (٢) في أ (فلا جمعة). (٣) أخرجها الدارقطني (٣١٢) بإسناد ضعيف، ضعفه عبد الحق، وابن القطان، انظر خلاصة البدر (١/ ٢١٧).