والميل إلى موافقته في أكثر الصور أكثر، وتردد بعضهم في قوله: اقض الألف الذي لي عليك، فقال: نعم أيضاً، وكذا لو قال: أسرج دابة فلان هذه، فقال: نعم، أو قال: متى تقضي حقي؟ فقال: غدًا, ولو قائل له قائل: غصبت ثوبي، فقال: ما غصبت من أحد قبلك، ولا بعدك لم يكن مقرًّا؛ لأن نفي الغصب من غيره لا يوجب الغَصْبَ منه، وكذا لو قال: ما لزيد أكثر من مائة درهم؛ لأن نفي الزائد على المائة لا يوجب إثبات المائة.
وفيه وجه آخر أنه إقرار بالمائة، ولو قال معسر: لفلان عَلَيَّ ألف درهم، إن رزقني الله مالاً، قيل: ليس بإقرار للتعليق.
وقال: هو إقرار، وذلك بيان لوقت الأداء، والأصح أن يستفسر، فإن فسر بالتأجيل صح، وإن فسر بالتعليق لغا (١).
ولو شهد عليه شاهد، فقال: هو صادق، أو عدل لم يكن مقرًا.
وإن قال: صادق فيما شهد به، أو عدل فيه كان مقرًّا قاله في "التهذيب".
ولو قال: إنْ شهد عليَّ فلان وفلان أو شاهدان بكذا، فهما صادقان.
قال في "الحلية": فيه قولان.
أصحهما: أنه إقرار، وإن لم يشهدا.
وبه صاحب "التلخيص" في "المفتاح".
والثاني: أنه ليس بإقرار لما فيه من التعليق، فإن قال: إن شهدا صدقتهما لم يكن مقرًّا؛ لأن غير الصادق قد يصدق (٢).
البَابُ الثَّانِي في الأَقَارِير المجملةِ
قال الغزالي: (وَهِيَ سَبْعَة): (الأوَّلُ) إِذا قَالَ لِفُلاَنٍ: عَلَى شيءٍ يَقَبَلُ تَفْسِيرَهُ بِأَقَلِّ
(١) في لزومه بقوله عدل نظر.
(٢) قال النووي: في "البيان": أنه لو قال: لي عليك ألف درهم، فقال: لزيد عليّ أكثر مما لك، لا شيء عليه لواحد منهما. ولو قال: لي مخرج من دعواك، فليس بإقرار. قال: وإن قال: لي عليك ألف أقرضتكه، فقال: والله لا اقترضت منك غيره، أو كم تمنّ به، قال الصيمري: هو إقرار. وإن قال: ما أعجب هذا، أو نتحاسب، فليس بإقرار. وإن كتب: ذلك على الأرض. ولو قال: له علي ألف إن مت، فليس بإقرار، كما لو قال: إن قدم زيد. ووافق أبو حنيفة -رضي الله عنه- على الثانية دون الأُولى. ولو قال: له على ألف إلا أن يبدو لي، فوجهان حكاهما في "العدة" و"البيان" ولعل الأصح: أنه إقرار. ينظر الروضة ٤/ ٢٤.