العتق صلة وإكرام (١) للقريب، فلا يَسْتَدْعِي الاختيار، وَالسِّرَايَةُ تُوجِبُ التَّغْرِيمَ والمُؤاخذة، وإنما يليق ذلك بحال الاختيار، وَلاَ يَعْتِقُ غَيْرَ الأَبْعَاضِ مع الأصول والفروع. وقال أَبُو حَنِيْفَةَ وَأَحْمَدَ -رحمهما الله-: يُعْتَقُ كل ذي رحم محرم بالمِلْكِ كالأخ، وابن الأخ، والعم والخال، وَأَلْحَقَ مَالِكٌ الأخوة وَالأخَوَاتِ بالوالدين والمولودين، وَسَلَّمَ أبُو حَنِيْفَةَ أن المُكَاتِبَ إذا مَلَكَ أخاه، لم يُكَاتِبْ عَلَيْهِ، فقال الأصحاب -رحمهم الله-: قريب لا يُكَاتِبُ عَلَى المُكَاتِب فلا يعتق على الحُرِّ كَبَنِي الْأَعْمَامِ.
وَلْيُعْلَمْ لما تَبَيَّنَ قوله في الكتاب:"ولا يعتق من عدا الأَبْعَاضِ" بِالحَاءِ والميم والألف.
وقوله:"إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ" قصد به الاحتراز عن الصبي والدين يذكرهم في الفصل التالي لهذا الفصل.
إحداهما: ليس لمولى الصبي والمجنون أَنْ يَشْتَرِيَ لهما قريبهما القرابة التي تقتضي العتق، فإن فعل فَالشِّرَاءُ بَاطِلٌ. ولو وهب للصبي قريبه أو أوصى له به؛ نُظِرَ إن كان الصبي مُعْسِراً فيجوز له قَبُولُهُ، فإذا قَبِلَهُ عَتِقَ على الصبي؛ لأنه لا ضَرَرَ فيه على الصبي، وفيه جمال ومنفعة، وقد يوسر فَيُنْفِقُ على الصبي، ولا نظر إلى أن الصَّبِيَّ قد يُوسَرُ فَتَجِبُ النَّفَقَةُ في ماله وإنما يعتبر الحال وهل يجب عليه الْقَبُولُ؟ قال الإِمام: هذا [فيه](٢) تَرَدُّدٌ [وقضية](٣) لَفْظُ الشَّافِعِيِّ -رضي الله عنه-: الوجوب، وعلى ذلك يجري
(١) في أ: وإلزام. (٢) سقط في: ز. (٣) في ز: وقضيته.