إحداها: يَنْبغي أَنْ يَتَوقَّى الغازِي قَتْلَ قَرِيبه وهو مكروه، وإن انْضمَّتْ إلى القَرَابةِ المحْرمِيّة ازدادت الكراهيةُ قال الله تعالى:{وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان: ١٥].
رُويَ أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- مَنَعَ أَبَا بكرٍ -رضي الله عنه- يَوْمَ أُحُدٍ عن قتل ابنه عبْدِ الرحْمَنِ (١)، وأَبَا حُذَيفَةَ بن عُتْبة -رضي الله عنه- عن قتل أبيه يَوْمَ بدْرٍ (٢)، فإنْ سَمِعِ أباه أو قَريبه يذكر الله -عز وجل- أو رسوله -صلى الله عليه وسلم- بِسُوءٍ لم يكْرَهْ له قَتْلُه؛ لما روي أنَّ أَبَا
(١) قال الحافظ في التلخيص: قال ابن داود شارح المختصر: ابن أبي بكر هذا المراد به غير عبد الرحمن ومحمد فإنَّهما ولدا في الإسلام، انتهى. وقد عرفت ما يرد عليه إلا أن الواقدي ضعيف. وقول ابن داود: إن عبد الرحمن ولد في الإسلام مردود، وقد روى ابن أبي شيبة من رواية أيوب قال: قال عبد الرحمن بن أبي بكر لأبيه: قد رأيتك يوم أحد فضفت عنك، فقال أبو بكر: لو رأيتك لم أضف عنك، وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن أيوب أيضاً، ورجاله ثقات مع إرساله. (٢) رواه الحاكم والبيهقي من طريق الواقدي عن ابن أبي الزناد عن أبيه قال: شهد أبو حذيفة بدراً، ودعا أباه عتبة إلى البراز، فمنعه عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال الواقدي: ولم يزل عبد الرحمن عن أبي بكر على دين قومه في الشرك، حتى شهد بدراً مع المشركين، ودعا إلى البراز، فقام إليه أبو بكر ليبارزه فذكر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر: متعنا بنفسك، ثم إن عبد الرحمن أسلم في هدنة الحديبية. قال الحافظ في التلخيص: تفطن الرافعي لما وقع للغزالي في الوسيط من الوهم في قوله: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذيفة وأبا بكر عن قتل أبويهما، وهو وهم شنيع، تعقبه ابن الصلاح والنووي، قال النووي: ولا يخفى هذا على من عنده أدنى علم من النقل، أي لأن والد حذيفة كان مسلماً، ووالد أبي بكر لم يشهد بدراً.