قَالَ الرَّافِعِيُّ: في اللَّحْيَيْنِ الديةُ؛ لما فيها من كمال المنفعة والجَمَال، وفي أحدهما، إن ثبت الآخر، ونصف الدية، واللَّحْيَان هما العَظْمان اللَّذان عليهما تنبت الأسنان السفْلَى، وملتقاهما الذَّقَن، وقال أبو سعد المتولِّي: وفي إيجاب الدية في اللَّحْيَين إشكالٌ؛ لأنه لم يردْ فيه خبر، والقياسُ لا يقتضيه بل اللَّحْيُ من العظام الداخلةِ، فيشبه التَّرْقُوَةَ والضِّلَعَ، وأيضًا: فإنه لا دية في السَّاعد، والعَضُد، والسَّاق، والفَخِذ، وهي أيضًا عظامٌ فيها جمال ومنفعة، ثم إن لم يكن على اللَّحْيَيْن أسنانٌ، فذاك، وهو كَلَحْيتَي الطفلِ قبل نبات الأسنان، ولُحْييَ الشيخ بَعْد تناثرها، ولَحْيَيَ من سقطت أسنانُه باقةٍ أوَ جنايةٍ, وإن كانت (١) عليها أسنان (٢)، فوجهان:
أحدهما: أنه لا يجب إلا ديةُ اللَّحْيين، ويدخل فيها أروشُ الأسنانِ إتباعاً للأقل الأكثرَ؛ كما تدخل حكومةُ الكَفِّ في دية الأصابع.
وأصحُّهما: أنه يجب دية اللَّحْيين، وأروش الأسنان عليه، والمَبْلَغ إذا كانت الأسنان ستَّ عَشْرة على الغالب -مائةٌ وثمانون من الإبل؛ وذلك لأنَّ كلَّ واحد من العضوين مستقلٌّ برأسه، ولكل واحد منهما بدلٌ مقدَّر، فلا يدخل أحدهما في الآخر؛ بخلاف اليد وجميع الأصابع، وأما الأسنان العلْيا، فمنبِتُها عظم الرأس، فلو قلع منها شيئًا من العظم، فعليه الحكومةُ مع الأَرْش.