معَك على الجُوع، فقال الزوج: إنْ كنتِ جائعةً يوماً في بيتي، فأنتِ طالقٌ، ما نوى المجازاة يُعْتَبر حقيقةُ الصفة، ولا تُطلَّق بالجوع في أيام الصوم، وأنه لو قال: إن دخلْت دارَكِ، فأنتِ طالقٌ، فباعت دارَها، ودخلتها، ففيه وجهان:
اظهرهما: أنه لا يقع الطَّلاق.
قال إن لم تكوني أحْسَن من القمر أو إن لم يَكُن وجْهُك أحْسَنَ من القمر، فأنتِ طالقٌ، فعن القاضي أبي عليٍّ الزجَّاجِيِّ، والقفَّال، وغيرهما: أنه لا يقع الطلاق، واستشهدوا علَيْه بقوله تعالى:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[التين: ٤](١) ولو قال: أضوء من القمر، فلا أعلم كلامه.
في فتاوى أبي عبد الله الحناطي: أنه لو قال لامرأته: إن قصدتك بالجِمَاع، فأنتِ طالقٌ، فقصدته المرأة، فجامعها, لا يقع الطلاق، ولو كان قَدْ قال: قصدتُّ جماعك في الصورة هذه، يقع الطلاق.
نقل أبو العباس الرُّويانيُّ أن رجلا ببلخ قالت لَهُ امرأته:[اصنع](٢) لي ثيابًا ليكن لك فيه أجرٌ، فقال الرجل: إن كان لي فيه أجْرٌ فأنْتِ طالقٌ، فقالت المرأة: قد استفتيت في ذلك إبراهيم بن يوسف العَالِمَ (٣)، فقال: إن كان إبراهيم بن يوسف عالماً، فأنتِ طالقٌ، فاستفتي إبراهيم بن يوسف، فقال: لا يحنث في اليمين الأُولَى, لأنه مباحٌ، والمباح لا أجْرَ فيه، ويحنث في الثانية لأن الناس يسمونني عالماً.
وقيل: يحنث في الأولى أيضاً لأن الإنسان يؤجر في مثل ذلك إذا قصد البر وإدخال السرور على الغير، وقد حكى الوجهَيْن القاضي الرُّويانيُّ في "التجربة" وقال: الصحيح الثاني (٤).
قال شافعيٌّ: إن لم يكن الشَّافعيُّ أفْضَلَ من أبي حنيفة، فامرأتي طالقٌ، وقال حنفيٌّ: إن لم يكن أبو حنيفةَ أفْضَلَ، فامرأتي طالقٌ، لا يقع طلاق على واحدٍ منهما، وشبهوه بمسألة الغُرَاب.
وعن القفَّال: لا يجيب عن هذه المسألة، وفي مجموع الشيخ إبراهيم المروزي أنه
(١) سورة التين: الآية (٤). (٢) سقط في ز. (٣) إبراهيم بن يوسف ذكره النووي في تهذيبه فقال: إنه من أصحابنا، وقال الحاكم في تاريخه: إبراهيم ابن يوسف بن لقمان الفقيه البخاري نزيل نيسابور في دار السنة، وقال ابن قاضي شهبة في طبقاته ولا أعلم من حاله شيئاً. وقال ابن شهبة في طبقاته: ولا أعلم من حاله شيئاً (تهذيب الأسماء واللغات ١/ ١٥٠) - (طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ١/ ١٣٦) - (البداية والنهاية ١/ ٢٩٨). (٤) قال النووي: لا معنى للخلاف في مثل هذا؛ لأنه إن قصد الطاعة كان فيه أجر ويحنث، وإلا فلا، ومقتضى الصورة المذكورة، أن لا يحنث؛ لأنه لم يقع فعل نية الطاعة.