وأنه لو أشار إلى ذَهَب، وحَلَف بالطلاق أَنه الَّذي أخذه من فلان، وشَهِد شاهدان أنّه ليْس ذلك الذهب، وأنه حانِثٌ، فظاهر المَذْهَب وقوعُ الطَّلاق، وإن كانت هذه شهادةً على النفي؛ لأنه نَفْيٌ يحيط العِلْم (٢) به وأن الشاهد رُبَّما رأى ذلك المذهب، وعلم أنه غير المحلوف علَيْه.
وفيه وجْه: أنه لا تُقْبَل هذه الشهادة، ولا يقع الطلاق، وأنه لو حَلَف بالطلاق أنه لا يَفْعَل كذا، فشَهِد شاهدانِ عنْده إنه فعَلَه، وتُيُقِّنَ صدقهما، أو غلب على ظنه صدْقهما، لَزِمَه أن يأخُذ بالطَّلاق (٣)، وأنه لو غَلَّق الباب على أرْبعَ نِسوة له فتحت إحداهن الباب، فقال: من فتحَت الباب منْكُنَّ، فهي طالق، فقالت كلُّ واحدة: أنا فتحْتُ لم يُقْبَلْ قولهن؛ لإمَكان إقامة البيِّنة عليْه، قال: فإن اعترف الزوْج أنَّه لا يَعْرِف أيتهن فتحَتْ، لم يكن له التعيين في كلِّ واحدة منْهُنَّ، وإنما يُرْجَع إلى تعينه، إذا كان الطَّلاق مبهماً (٤) ولو حلف بالطَّلاق أنَّه أنفذ فلاناً إلى بَيْت فلان، وعلم أن المبْعوث، لم يَمْض إليه، ففي وجهٍ: يقع الطلاق؛ لأن اللفْظ يقتضي حصولَه هُنَاك، والصحيح المَنْع؛ لأنه يصْدُق أن يقال: أنفذه، فلم يمتثل، وأنَّه لو قال لها: إن لم تطيعيني (٥)، فأنتِ طالقٌ، فقالت: لا أطيعُكَ، ففي وجه: يقَعُ الطلاف بقولها "لاَ أُطِيعُكَ"، والأصحُّ؛ أنه لا يقَع حتَّى يأمرها بشيْءٍ، فتمتنع أو ينهاها عن شيْء فتفعله، وأنه لو قال: امرأتي طالقٌ إن دخلت دارها, ولا دار لها وقْت اليمين، ثم مَلَكَت دارًا، فدخلَها، حصَل الحنث، وأنَّه لو قال إن لم تَكُوني الليلة في داري، فأنتِ طالقٌ، ولا دار له، ففي وقوع
(١) جملة فارسية معناها: من غزلك. (٢) قال الأذرعي: قضية كلامه أن المأخذ الشهادة على النفي المحصور ونفي مأخذ آخر يقتضي عدم الحنث وهو الجهل، إذ الظاهر أنه حلف معتقدًا ذلك، أي ليأتي فيه الخلاف في الجاهل. (٣) قال في القوت: فيه نظر لأنه أمر راجع إلى علمه فلا يلزمه العمل بإخبار غيره كالقاضي يشهدون عنده أنه حكم بكذا أو يخبر المصلي بفعل أو ترك ونحو ذلك وسبق تفصيل عن الكافي في الاستثناء يقتضي أنه يرجع إلى علمه إذا لم يكن به غضب وخرج وبتقدير الجري على ما قاله الروياني، فقد يقال يكفي إخبار عدل يغلب على الظن صدقه، لكن لا يلزم من صدور الفعل منه كونه فعله ذاكرًا لليمين أو عالماً بأنه المحلوف عليه بل عدم تذكره لصدوره منه يشعر بأنه إنما صدر منه عن جهل به أو نسيان للحلف. انتهى. وأشار بقوله تفصيل عن الكافي إلى أنه لو طلق ثلاثاً بحضور شاهدين فشهدا له أنك قلت عقبه إن شاء الله وهو لا يذكره إن كان له حالة غضب فله اعتماد قولهما والأخذ بعلمه ولا يلتفت إلى قولهما وهذا مشكل فإنه لا يلزم من يلفظه بالمشبه حصول الاستثناء المعتبر عندنا. (٤) في ز: مهما. (٥) في ز: تطليقتين.