قَالَ الرَّافِعِيُّ: الحالةُ الثانية: إذا كانتِ الجاريةُ موطوءةَ الابنِ، ووَطِئَها الأبُ، وهو عالم بالحال، ففي وجوب الحدِّ وجهان أو قولان مأخوذانِ من القولَيْن في وجوبِ الحدِّ على من وطئ جارَيتُه المَحرَّمة عليه برضَاعٍ أو مصاهرةٍ أو نسبٍ:
أَصَحُّهُمَا: وهو الجديد: أنه لا حدَّ للشبهة، وخصص القاضي الرّوَيانِيُّ في "التجربة" الخلاف بما إذا كانتْ موطوءة الابْنِ من غَيْر استيلاد، فأما إذا كان قد استولَدَها، فحكايته عن الأصْحَاب: وجوب الحد قَطْعاً؛ لأنه لا يُتصوَّر أن يمْلِكهَا بحالٍ بخلافِ ما إذا كانتْ موطوءةً غيْرَ مستولَدَةٍ (٢)، فإن قلْنا بوجوب الحدِّ على الأَبِّ، فلا تَحْرُم الجاريةُ على الابن، ويجب المهر، إن كانَتْ مكرهةً، وإنْ كانت مطاوعةً، فوجهان:
أصحُّهما: المنعْ، ولو أولَدَها، لم تصِرِ الجاريةُ أمَّ ولد له، وكان الولَدُ رقيقاً غيْرَ نسيب، وعلى هذا القياس إذا وطئ جاريتَهُ المحرَّمَة عَلَيْهِ برضاعٍ وغيره، وأولدَهَا، لا تفسير أمَّ ولد له، إذا أوجبنا الحَدَّ، قال الإِمام: وارتاع بعْضُ الأصحاب، فلم يستجز أن
(١) سقط في ز. (٢) قال الأذرعي: سكنا في الشرح هنا واختصاره عليه فأفهما الرضى به، لكن في الشرح الصغير لو وطئ موطوءة الابن عالماً بذلك فأصح القولين لا حد للشبهة، ومنهم من خصص القولين بغير المستولدة وقطع فيها بالوجوب فاقتضى أنه لا فرق بين المستولدة وغيرها وهو قضية كلام الشيخ أبي حامد وغيره ولذلك حكى بعضهم في حده ثلاثة أقوال أصحها لا حد، وثالثها التفصيل بين موطوءة الولد وغيرها، وجمع أبو حامد في التعليق بين المستولدة والموطوءة بلا استيلاد، وحكى فيها وجهين، وقد يخرج من عبارة البحر به مقالة رابعة فارقة بين المستولدة وغيرها. انتهى. وسبقه لذلك صاحب المهمات وزاد فقال: وكلام أصل الروضة بعد ذلك يدل على هذا فإنه قال: أما إذا قلنا لا حد على الأب فإن أولدها فإن كانت مستولدة الابن لم تصر مستولدة له لأن أم الولد لا تقبل النقل فصرح به بأن قول عدم الحد جار مع استيلاد الابن لها خلاف ما نقله الروياني. وقال في الخادم: لكنه في التجربة إنما حكاه عن والده خاصة فقال: قال والدي: يجب هنا أن يقال يلزمه الحد قولاً واحداً بخلاف موطوءة الابن التي لم يستولدها على أحد الوجهين؛ لأنه قد يملكها عليه بجهة النفقة والمهر عند وجوب الإعفاف بخلاف أم الولد. انتهى. وهذا يؤيد ما اقتضاه كلام الشرح الصغير أن هذا وجه ضعيف وأن الصحيح أنه لا فرق بين المستولدة وغيرها ثم ذكر ما تقدم من كلام الأذرعي.