وقوله:"وما وراء ذلك، فقد تقتضي العادة بجبر نقيصة بفضيلة" ظاهرة تقتضي انجبار بعض الصفات ببعض بعد الاشترك في النسب، لَكِنَّ هَذَا الظَّاهِرَ غيرُ مَعْمُولٍ بِهِ لا على تفصيل الإمام، وَلاَ عَلَى إِطْلاَقِ غَيْرِهِ، وَقَد بَيَّنَّا الطَّرِيْقَيْنِ.
قال الرَّافِعِيُّ: تَقَدَّمَ الْكَلاَمُ في الْفَصْلِ الأَوَّلِ في خِصَالِ الكفاءة، والكلام الآن في الفصل الثاني من أثر فقدان الكفاءة، والكَفَاءَةُ حَقُّ الْمَرْأَةِ، ومن يلي أمرها واحدًا كان أو جَمَاعَةً مستويين في الدَّرَجَةِ، فَإِنَّ زَوْجَهَا وَلِيُّهَا مِنَ غيْرِ كُفْءٍ برضاها، أو أحد الأَوْلِيَاءِ برضا الآخرين ورضاها صَحَّ النِّكَاحُ، حَتَّى يَجُوزَ لغير الْعَلَوِيِّ نِكَاحُ الْعَلَوِيَّةِ، وليست الْكَفَاءَةُ شَرْطٌ للِصَّحَةِ خلافًا لأَحْمَدَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.
وُيرْوَى عَن مَالِكٍ أيضًا اشتراطها، دليلنا أَنَّهُ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ:"انْكِحِي أُسَامَةَ"(١) فنكحته وهو مولى وهي قرشية.
وإذا زوج الأقرب من غير كفء برضاها لم يكن للأبعد الاعتراض، فَلَوْ كَانَ الَّذِي يَلِي أَمْرَهَا السُّلْطَانُ، فَهَلْ لَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ غَيْر كُفْءٍ إِذَا الْتَمَسَتْهُ الْمَرْأَةُ؟.
فيه قولان أو وجهان:
أحدهما: نعم، كالولي بالولاء والنسب، وَقَطَع بهذا الشَّيْخُ أبو مُحَمَّدٍ وقال: لاَ يَرْجِعُ إِلَى الْمُسْلِمِيْنَ مِنْهُ عَارٌ.
(١) تقدم. (٢) أخرجه الدارقطني [٣١/ ٣٠١ - ٣٠٢]، من حديث حنظلة بن أبي سفيان عن أمه قالت: رأيت أخت عبد الرحمن بن عوف تحت بلال، وفي الباب عن زيد بن أسلم في مراسيل أبي داود.