وَأَصَحُّهُما: أنَّه لا يَجِبُ إلاَّ نِصْفُ الدِّيَّةِ؛ لأنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ في الزِّيادةِ إضرارٌ بالجانِي، ونحْنُ نفرعُ عَلَى أنَّ قوْلَهُ لا يُقْبَلُ فِيما يَضُرُّ بالغَيْر، وعلى هَذَا؛ فالواجب أقلُّ الأمْرَيْن من نصْفِ الدِّيةِ أو نِصْفِ القِيمَةِ، وهذا كله تفريعٌ على تعَلُّقِ الديَةِ بقَتْلِ اللَّقِيطِ، وفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ أسلفناه، وهو أنَّ الواجِبَ الأَقَلُّ من الديَةِ أو القيمةِ، وذلك الوجْهُ مُطَّردٌ في الطرف من غير أن يُقَرِّ بالقيمةِ.
وممَّا يتفرعُ عن هذَا الخلافِ في قَبولِ أصلِ الإقْرارِ، لو ادَّعَى مدَّع رقِّهُ، فأنكَرَهُ، ولا بَيِّنة للمُدَّعِي. فإن قُلْنَا بقَبُولِ الإقرَارِ، فَلَهُ تحلِيفُه؛ رجاءَ أنْ يُقَرُّ، وإنْ منعنَاه، لم يَكنْ لَه تحليفُهُ؛ لأنَّ التَّحلِيفِ لِطَلَبِ الإقرَارِ، وإقرَارُهُ غيرُ مقبولٍ، هذا إذا جعلْنَا اليمين المردودة مع النُكولِ كإقرارِ المُدَّعىَ عَلَيه، فإنْ جَعَلْناها كالبيِّنَةِ، فلهُ التحليفُ، لعله ينكُلُ فيحلِف المدَّعِي ويستحقُ كما لو أقامَ البيِّنة.
واعلمْ أنَّه لا فرقَ في جميع ما ذَكَرناهُ: بين أنْ يُقرَّ بالرِّقِّ ابتداءً، وبَيْنَ أن يدَّعِيَ رقَّهُ؛ فيصدُق المدَّعِي، ولو ادَّعَىَ إنْسانٌ رقَّهُ، فأنْكَرَ ثمَّ أقرَّ [لهُ] فَفي قَبِولِهِ وجْهانِ؛ لأنَّه بالإنكار لزمه (٢) أحكامَ الإقرار والله أعلم.
(١) قول: "فإن لم يرد نصف القيمة على نصف الدية، فالواجب نصف القيمة" مقبول فيما يضره. ومراد الرافعي بالواجب هو نصف الدية، وهو غلط. (٢) قال النووي: ينبغي أن يفصل، فإن قال: لست بعبد، لم يقبل إقراره بعده، وإن قال: لست بعبد لك، فالأصح القبول، إذ لا يلزم من هذه الصيغة الحرية.