تعالى-، وهو أن يقال: يثبت الرد بكل ما في المعقود عليه من منقص للقيمة أو العَيْن نقصاناً يفوت به غرض صحيح، بشرط أن يكون الغالب في أمثال المبيع عدمه (١).
وإنما اعتبرنا نقصان العَيْن لمسألة الخَصِيّ، وإنما لم نكتف بنقصان العَيْن بل شرطنا فوات غرض صحيح به، لأنه لو بَانَ قطع فَلْقة يسيرة من فخذه أو ساقه لا تورث شيئاً ولا تفوِّت غرضاً لا يثبت الرد، ولهذا قال صاحب "التقريب": لو قطع من أذن الشَّاة ما يمنع التَّضحية ثبت الرد وإلاَّ فلا، وإنما اعتبرنا الشرط المذكور؛ لأن الثِّيَابة مثلاً في الإمَاء، معنى ينقص القيمة، لكن لا ردّ بها؛ لأنه لا يمكننا أن نقول: الغالب فيهن عدم الثِّيَابَة، -والله أعلم-.
قال الرافعي: العيب ينقسم إلى ما كان موجوداً قبل البيع فيثبت به الرد، وإلى ما حدث بعده، فينظر إن حدث قبل القبض فكمثل؛ لأن المبيع قبل القبض من ضمان البائع، وإن حدث (٢) بعده فله حالتان:
(١) قيل يرد عليه صور: منها: إذا كان به برص واعلم به ثم اطلع على برص آخر لم ينقص به القيمة فإنه يرد. ومنها: قطع الأصبع الزائدة إذا وجد عند البائع واندمل فلا يثبت للمشتري الرد بزوالها كما قاله البغوي والمتولي. اعلم أنه لما شرح بعض أفراد العيوب ذكر ضابطاً شاملاً لما ذكره وما لم يذكره، فإنما نقصان العين خاصة، واحترز به عما لو قطع من فخذه قطعة يسيرة لا يفوت بها غرض صحيح. وأما التقييد بالغلبة فراجع إلى القيمة والعين، فإما في القيمة وهو ما اقتصر عليه الرافعي فاحترز به عن الثيوبة في الأمة الكبيرة فإنها لا تقتضي الرد لأنه ليس الغالب فيهن عدمها، وأما في العين فاحترز به عن خلع الأسنان في الكبير فإنه لا رد به بلا شك، وقد جزم في المطلب بامتناع الرد ببياض الشعر في الكبير وهو نظير ما نحن فيه. (٢) مقتضاه أنه لا فرق بين أن يكون بعد انقضاء الخيار أم قبله، فأما بعده فواضح، وأما قبله فبالقياس كما قاله في المطلب، بناه على أنه لو تلف في هذه الحالة هل ينفسخ؟ فيه طرق أرجحها كما قاله الرافعي في الكلام على أقوال الملك أنا إن قلنا الملك للبائع انفسخ وإلا فلا، فإن قلنا ينفسخ فحدوث العيب والحالة هذه كحدوثه قبل القبض وإن قلنا لا ينفسخ فلا أثر لحدوثه. وفي الحاوي عند ابن أبي هريرة ثبوت الرد، ثم أبدى أعني الماوردي من عند نفسه مع ذلك. قال: إلا أن يستند إلى سبب متقدم كقطعه بجناية سابقة فيثبت الرد في الأصح نظراً إلى سببه الذي استند إليه والثاني أنه لا يثبت لأنه قد تسلط على التصرف بالقبض فدخل المبيع في ضمانه أيضاً. فعلى هذا يرجع بالأرش.