منها: لو اشترى عبداً فوجده خَصِيّاً (١) أو مَجْبُوباً فله الرد؛ لأن الفَحْلَ يصلح لما لا يصلح- له الخَصِيّ، وقد دخل في العقد على ظن الفُحُولة؛ لأن الغالب سلامة الأعضاء، فإذا فات ما هو متعلّق الغرض وجب ثبوت الرَّد، وإن زادت القيمة باعتبار آخر.
ومنها: الزّنا (٢) والسَّرقة عيبان لتأثيرهما في نقصان القيمة.
وقال أبو حنيفة: الزِّنَا عيب في الإمَاء دون العَبِيْد، نعم لو ثبت زنا العبد عند الحاكم ولم يقم عليه الحَدّ بعد ثبت الرد.
ومنها: الإِبَاق وهو من أَفْحَش عيوب المماليك (٣). ومنها: البَوْل في الفِراش عيب في العَبِيد والإِمَاء إذا كان في غير أوانه، أما في الصغر فلا. وقدره في "التهذيب" بما دون سبع سنين.
= يتمكن فيه من الفسخ فإذا لم يفسخ لزمه البيع، عدم الفسخ حينئذ دليل الرغبة في إمساك المبيع؛ ولأن خيار العيب ثبت بالشرع لدفع الضرر عن المال؛ فكان فورياً كخيار الأخذ بالشفعة فإنه إن لم يطالب بها عقب علمه بالبيع سقط حقه. ومذهب المالكية -أن السكوت لعذر لا يمنع من الرد مطلقاً، ولغيره إن كان أقل من يوم رد بلا يمين، وإن كان يوماً أو يومين رد مع يمينه أنه ما رضي البيع في هذه المدة، فإن كان أكثر من ذلك فلا رد له؛ لأنه في العادة لا يؤخر مثل هذا الزمن إلا وقد رضي البيع، فلا تسمع منه دعوى عدم الرضا فيما بعد لأن الظاهر يكذبه. ومذهب الحنفية والحنابلة على الصحيح عندهم- أن الفسخ بالعيب يستمر حقاً للمشتري من وقت العلم بالعيب إلى أن يرضى بالبيع صراحة كرضيت البيع، أو دلالة كلبسه الثوب المبيع؛ لأنه خيار شرع لدفع ضرر محقق ممن يشرع له، فكان على التراخي كخيار القصاص لولي القتيل الخيار بينه وبين الدية أو العفو على سبيل التراخي. ومذهب الظاهرية قريب من مذهب الحنفية، بل هو في الواقع أوسع منه؛ لأن استخدام المبيع أو التصرف فيه بما لا يخرجه عن ملكه لا يمنع من الرد على البائع عندهم؛ لأن التصرف كما يزعم ابن حزم لا يدل على الرضا، وإنما الذي يدل عليه صريح القول. ومن هذا يظهر أن الشافعية غلبوا جانب البائع فحظروا على المشتري التأخير في الرد؛ لأن فيه إضراراً به، وقد يكون مع هذا حسن النية حين البيع، وأن الحنفية -ومن حذا حذوهم- غلبوا جانب المشتري فوسعوا عليه لأنه المظلوم. وأما المالكية فقد التزموا خطة وسطى فرأوا في الإلزام بالمبادرة إجحافاً بحق المشترى، وفي الإمهال بدون توقيت إضراراً بالبائع، فضربوا للرد مهلة يسيرة يوماً أو يومين، فإن لم يرد فيها بطل حقه في الرد، وألزم بالبيع بالثمن المتفق عليه. هذا والاتفاق حاصل على أنه في أي وقت ظهر العيب جاز للمشتري الرد. أعني أن الفقهاء لم يحذوا ما بين العقد وبين ظهور العيب بوقت معلوم لا يجوز للمشتري الرد بعده. فله الرد ولو ظهر العيب بعد سنة من تاريخ التعاقد ما دام لم توجد منه أو عنده حالة تمنع الرد شرعاً. وقال شيخنا الشيخ مندور. (١) وغير العبد من الحيوان كالعبد كما صرح به الجرجاني في البهيمة. (٢) واللواط وكذا تمكينه نفسه. (٣) محل الرد به في حال عوده إلى يده، أما حال إباحة فليس له الرد قطعاً، وليس له الأرش على الصحيح لأنه لم ييأس من الرد.