قال في "الشامل": وعلى الوجهين جميعاً يلزم البيع، ويسقط الخيار، ولكن قياس ما مر أن يكون سقوط الخيار، إن قلنا: بعدم نفاذها على الوجهين، ولو أذن له البائع في طَحْن الحِنْطة المبيعة فطحنها كان مجيزاً، ومجرد الإذن في هذه التَّصرفات لا يكون إجازة من البائع، حتى لو رجع قبل التصرف كان على خياره، ذكره الصيدلاني وغيره.
الخامسة: في العرض على البيع والإذن والتوكيل فيه وجهان، وكذا في الرهن والهبة دون القبض.
أحدهما: أن هذه التصرفات فسخ من جهة البائع، وإجازة من جهة المشتري لدلالتها على الاسْتِئْثَار بالبيع، ولهذا يحصل بها الرُّجوع عن الوَصِيّة.
وأظهرهما، وهو المذكور في الكتاب: أنها ليست بفسخ ولا إجازة، فإنها لا تقتضي إزالة مِلْك وليست بعقود لازمة، ومن المحتمل صدورها عن تردده في الفَسْخ والإجازة (١).
ولو باع المبيع في زمان الخِيَار بشرط الخِيَار.
قال إمام الحرمين: إن قلنا: لا يزول ملك البائع فهو قريب من الهبة الخالية عن القبض، وإن قلنا: يزول ففيه احتمال أيضاً؛ لأنه أبقى لنفسه مستدركاً.
وقوله في الكتاب:"لا يقطع خيار البائع" لا معنى للتخصيص بالبائع فإنه كما لا
(١) قال الأذرعي في القوت والتوسط: إن أرادا بالإذن التوكيل فيه فهو عطف للشيخ على نفسه، وإن أرادا إذن البائع أي للمشتري في البيع فقد نقلا عن الصيدلاني أنه لا يكون بمجرده إجازة قاطعة للخيار ولا يمكن جريان الوجهين فيه لاستحالته فسخ من البائع نعم يمكن جريانهما في أنه إجازة لما سبق عن القاضي الحسين والذي سبق له عن القاضي الحسين أنه حكى فيما إذا أذن في الوطء، ولم يطأ وجهين في بطلان خيار البائع بمجرد الإذن. قال الزركشي: وهذا عجيب مراده الإذن في العرض على البيع وهو غير التوكيل في البيع وغير الإذن المطلق في البيع، وهذا الذي قاله الزركشي إن كان النقل كما قاله فهو حسن لكن فيه بعد لأن الخلاف في نفس العرض وأما الإذن في العرض هل فيه الوجهان؟ لم أر من تعرض لذلك، والأذرعي أكثر اطلاعاً من صاحب الخادم والخادم مأخوذ من التوسط كما يظهر بمراجعة الكتابين ثم اعترض الزركشي عليه أيضا فقال وقوله يلزم عطفه الشيء على نفسه مردود بل هو من عطف الخاص على العام فإن الإذن مطلق والتوكيل إذن خاص فيوجد الإذن حيث لا وكالة كالعبد المأذون وكما لو صدرت الوكالة فاسدة فإنه لم توجد حقيقتها ولم تصرف المأذون له صح التصرف لحصول الإذن وبقائه. انتهى وهذا الذي قاله في الخادم صحيح لكن ليس مراد الأذرعي ذلك، وإنما مراده بالنسبة إلى الصورة المذكورة وإلا فأصاغر الطلبة تعرف هذا الذي ذكره ثم اعترض عليه ثالثاً فقال: وقوله ولا يمكن جريان الوجهين إلى آخره ممنوع بل يمكن جريانهما في أنه إجازة ثم حكى ما نقله الأذرعي عن القاضي حسين.