المسألة الثانية: إذا ذبح المُحْرِمُ صَيْداً لم يحل له الأكل منه، وهل يحل الأكل منه لغيره؟ فيه قولان:
الجديد: وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد -رحمهم الله-: أنه ميتة، لأنه ممنوع من الذبح لمعنى فيه فصار كذبيحة المجوسي، فعلى هذا لو كان مملوكاً وجب مع الجَزَاءِ القِيمَةُ لِلْمَالِكِ.
والقديم: أنه لا يكون ميتة، ويحل لغيره الأكل منه، لأن من يَحِل بذبحه الحيوان الإنسي يحل بذبحه الصَّيْد كَالْحَلاَلِ، فعلى هذا لو كان الصيد مملوكاً فعليه مع الجَزَاءِ ما بين قيمته حياً ومذبوحاً لِلْمَالِكِ، وهل يحل له بعد زوال الإحرام؟ فيه وجهان:
والفرق أن صَيْدَ الحَرَم منع منه جميع النَّاسِ في جَمِيعِ الأحْوَالِ فكان آكد تحريماً، وليكن قوله:(وكذا صَيْدُ الحَرم) مُعَلَّماً بالواو لمكان الطَّرِيقة الأُخُرى.
ويد المُحْرم على الصيد إما أن يقع ابتداؤها في حَالِ الإحْرَام، أو يكون ابتداؤها سَابِقاً على الإحْرَامِ.
أما إثبات اليد عليه ابتداء في حال الإحرام فهو حرام غير مُفِيدٍ لِلْمِلْكِ، فإذا أخذ صيداً ضمنه كما يضمن الغاصب ما يتلف في يده، بل لو تولد تَلَف الصيد بما في يده لَزِمَهُ الضَّمان كما لو كان راكب دابة فأتلفت صيداً بِعَضِّهَا، أو رَفْسِهَا، وكذا لو بَالَتْ في الطَّريق فزلق به صَيْد، وهلك كما لو زلق به آدمي، أو بهيمة.
= فيه كالعاقل، أجيب بأنه وإن كان إتلافاً فهو حق لله -تعالى- ففرق فيه بين من هو من أهل التمييز وغيره. ومنها: ما لو أخذ الصيد تخليصاً من سبع أو مداوياً له، أو ليتعهده فمات في يده. ومنها: لو صال عليه فقتله دفعاً فلا ضمان في الجميع.