وأما الأفضل: فأحب البقاع في أطراف الحِلِّ لإحرام العمرة الْجُعْرَانَة فإن لم يتفق فمن التَّنْعِيم، فإن لم يتفق فمن الحُدَيْبِيَة، وليس النظر فيها إلى المَسَافة، ولكن المتبع سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (١) وقد نقلوا: "أَنَّهُ اعْتَمَرَ مِنَ الْجِعْرَانَةِ مَرَّتَيْنِ، مَرَّةً عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، سَنَةَ سَبْعٍ، وَمَرَّةَ عُمْرَةِ هَوَازِنَ (٢) وَلَمَّا أَرَادَتْ عَائِشَةُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- أَنْ تُعْتَمِرَ أَمَرَ أَخَاهَا عَبْدَ الرَّحْمنِ أَنْ يُعَمِّرَهَا مِنَ التَّنْعِيم، فَأَعْمَرَهَا مِنْهُ"(٣) وصلى بالحديبية عام الحديبية، وأراد الدخول منها للعُمْرة، فَصَدَّهُ اَلمُشْرِكون عنها (٤) فقدم الشافعي -رضي الله عنه- ما فعله، ثم ما أمر به، ثم ما هم به.
والجُعْرَانة على ستة فَرَاسِخ من مكة.
والحديبية كذلك، وهي بين طريق جِدَّة وطريق المدينة في منعطفٍ بين جبلين، وبها مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
والتنعيم على فرسخ من مكَّة، وهو على طريق المَدِينة، وفيه مَسْجِدُ عائشة -رضي الله عنها-، هذا تمام الكلام في القسم الأول من كتاب الحَجِّ.
(١) قال النووي: هذا هو الصواب. وأما قول صاحب "التنبيه": والأفضل أن يحرم بها من التنعيم، فغلط. (٢) انظر: خلاصة البدر المنير (١/ ٣٥١). (٣) متفق عليه من حديثها. انظر التلخيص (٢/ ٢٣٠). (٤) أخرجه البخاري (١٦٣٩، ١٦٤٠، ١٦٩٣، ١٧٠٨، ١٧٢٩، ١٨٠٦، ١٨٠٧، ١٨٠٨، ١٨١٠، ١٨١٢، ١٨١٣، ٤١٨٣، ٤١٨٤، ٤١٨٥)، ومسلم (١٢٣٠).