ومن الأدلة الدالة على الإرادة الخلقية الكونية القدرية (١)، كقول الله تعالى عن نوح ﵇: ﴿وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [هود: ٣٤]، فإرادة الله أن يغويهم هي إرادة كونية قدرية يتحتم وقوع المراد بها، ولذا لم ينفعهم نصح نوح ﵇. والأدلة في هذا النوع كثيرة جدًا.
ومن الأدلة الدالة على الإرادة الدينية الشرعية (٢) قول الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: ١٨٥]. فلو كانت هذه الإرادة كونية قدرية لما حصل العسر لأحد من الناس.
وذهبت المعتزلة إلى: إنه يشترط للأمر إرادة الآمر من المأمور امتثال المأمور به، وربما قال بعضهم إن الأمر هو إرادة المأمور به.
وقالت الأشاعرة: إن الأمر لا يستلزم إرادة المأمور به، وبنوا على هذا أن الطاعة موافقة الأمر لا الإرادة.
ومن المسائل الأصولية المبنية على مسألة الأصل:
المسألة الأولى: نفت الأشاعرة الحسن والقبح العقليين، وجعلوا الحسن يتبع الأمر، كما أن القبح يتبع النهي.
فالكفر والمعاصي ليست قبيحة في نفسها -بل هي محبوبة لله مرضية له؛ لكونها مما أراده الله كونًا وقدرًا، وإرادته ومحبته ورضاه بمعنى واحد-، وعليه؛ فقبح الكفر والمعاصي؛ لأجل نهيه تعالى عنه.
(١) انظر: منهاج السنة النبوية (٣/ ١٥٧، ٥/ ٤١٣)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٨/ ١٨٨، ٤٤٠ - ٤٤١)، والموافقات للشاطبي (٣/ ٣٧٢)، وشفاء العليل (٤٦٥)، وشرح الكوكب المنير (١/ ٣٢١). (٢) انظر: المصادر السابقة نفسها.