وهذه المسألة عقدها الزركشي في مباحث الحكم تحت عنوان: أحكام الشرع ثابتة إلى يوم القيامة (١)، ثم إنه أورد إشكالًا على هذه المسألة، وهو في نزول عيسى ﵇ آخر الزمان -الثابت بالكتاب (٢) والسنة المتواترة (٣)، وقد أجمع السلف عليه (٤) - وذلك في قول الرسول ﷺ:(والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد)(٥).
والإشكال هو في قوله:(ويضع الجزية)، فقال الزركشي: «واستشكل بأنه نزل
(١) انظر: البحر المحيط للزركشي (١/ ٢١٧)، وأما نزول عيسى ﵇ فلا ينافي ختم النبوة، لأنه نبي متقدم أصلًا، ولأنه ينزل حاكمًا بهذه الشريعة الخاتمة، ويؤكده أنه يصلي خلف إمام من هذه الأمة، ويصلي الصلاة المشروعة في هذه الشريعة الخاتمة … إلخ فانظر تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة (ص ١٧٥)، ولوامع الأنوار البهية للسفاريني (٢/ ٢٧٧). (٢) في قول الله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ﴾ [الزخرف: ٦٠]، وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا﴾ [النساء: ١٥٩]. (٣) انظر: النهاية في الفتن والملاحم لابن كثير (١/ ١٨٣). (٤) انظر: شرح النووي على مسلم (١٨/ ٧٥). (٥) متفق عليه، أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب أحاديث الأنبياء، باب نزول عيسى بن مريم ﵉، برقم (٣٤٤٨)، ومسلم في صحيحه في كتاب الإيمان باب نزول عيسى بن مريم ﷺ حاكمًا-، برقم (١٥٥).