والأدلة على إثبات الكلام صفة لله تعالى كثيرة جدًا، منها:
قول الله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤]. فنصَّ الله على خصوصية موسى ﵇ بتكليمه، وأكد ذلك بالمصدر ﴿تَكْلِيمًا﴾ وذلك ينفي احتمال المجاز كالإشارة والكتاب والإرسال، ولذلك قال: ﴿إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي﴾ [الأعراف: ١٤٤]، وجاء في السنة قول آدم ﵇ لموسى ﵇ في محاجتهما:(يا موسى، اصطفاك الله بكلامه، وخط لك التوراة بيده … )(١).
ويزيد ذلك توكيدًا لا يبقى للشك فيه مجال ما أخبر الله به من تكليمه لموسى ﵇ بقوله: ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (١٣) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٣ - ١٤] فهذا كلام لا يجوز أن يقوله مخلوق لنفسه (٢).
ودلت الآية على أن كلامه يسمع، والسمع للأصوات التي هي حروف فدل على أن كلام الله بحرف يسمع (٣).
وكلامه ﷾ صفة له ليس بمخلوق، ومن أدلة أهل السنة والجماعة في الدلالة على ذلك على ذلك تفريقه ﷾ في كتابه العزيز بين الخلق والأمر كما قال: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأعراف: ٥٤] فميز الله الأمر من الخلق (٤).
ووردت الاستعاذة بكلمات الله، كما في قول الرسول ﷺ وهو يعوِّذ الحسن
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب القدر، باب تحاج آدم وموسى، برقم (٦٦١٤)، ومسلم في كتاب القدر باب حجاج آدم وموسى ﵉، برقم (٢٦٥٢). (٢) انظر: التوحيد لابن خزيمة (١/ ٣٣٢ - ٣٣٥)، ومنهاج السنة (٥/ ٤٢٤ - ٤٢٥). (٣) انظر الحجة في بيان المحجة (١/ ٣٩٨)، والرد على من أنكر الحرف والصوت (ص ١٦١)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٦/ ٥٣١). (٤) انظر: خلق أفعال العباد للبخاري (ص ٣٨)، والسنة لعبد الله بن أحمد (١/ ١٠٣، ١٣٩، ١٦٩).