وقال: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ﴾ [الأنعام: ٩٣] فهذه الأدلة صريحة في أن الحق في واحد من القولين أو الأقوال المتقابلة.
وقد أجمع العلماء على بطلان مذاهب البراهمة واليهود والنصارى، فلو تعدد الحق لكانت تلك المذاهب صحيحة وحقًا، وحتى فيما دون ذلك مما اختلف فيه أهل القبلة؛ فإن الصحابة قد ثبت عنهم بلا نزاع تخطئة من خالف في الأصول،، فقاتلوا مانعي الزكاة والخوارج، ومن أدرك منهم القدرية فقد خطأهم، وهذا صنيع التابعين من بعدهم، فكان إجماعًا (١).
أما حكم المخطئ في الاجتهاد في أصول الدين هل يعد آثمًا؟ وهل يكفر به؟.
فجمهور المصنفين في الأصول يطلقون القول بتأثيمه، ثم يتنازعون في تكفيره، وينقلون رأيًا يعدونه شاذًا وينسبونه إلى العنبري والجاحظ، وهو أن المجتهد المخطيء غير آثم ومعذور عند الله.
وهذا القول الذي عدوه شاذًا، إذا حرر بذكر الشروط والموانع، كان هو قول السلف بلا شك.
والحجة التي يعتمد عليها من يقول بتأثيمه: أنه قد ثبت قتال الصحابة للمبتدعة، وتخطأتهم، كالخوارج، وثبت ذمهم للقدرية، وكذلك قد ثبت عن الأئمة الأعلام ردّ شهادة بعض أهل الأهواء، ونقل عنهم تكفير من قال بخلق القرآن، ونحو ذلك، ثم يخلصون إلى أن ذلك كان إجماعًا منهم (٢).