من شدة جوع أهل مكة كأن أحدهم يرى ما بينه وبين السماء، كهيئة الدخان، وأنه يمور فأنكر أن يكون دخان يجيء قبل يوم القيامة، وقال: أفيكشف عذاب الآخرة، يشير إلى قوله تعالى:{إِنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلًا}[الدخان: ١٥](١) وقد ذهب إلى ما أنكره ابن مسعود جماعة، وقالوا: إنه دخان يأتي قبل قيام الساعة، وهو مروي عن علي، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن عباس، والحسن (٢)، وعن حذيفة بن أَسِيد مرفوعًا:"إن من اشراط الساعة دخانًا يمكث في الأرض أربعين يومًا"(٣) ويؤيد هذا القول قوله تعالى: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ (١٢)} [الدخان: ١٢] وقوله: {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ (١٥)}.
رابعها:
قوج: فأتاه أبو سفيان: هو صخر بن حرب والد معاوية، وكان إذ ذاك كافرا؛ لأن هذه القضية كانت قبل الهجرة إلى المدينة.
وقوله:(وإن قومك). أي: قريش قد هلكوا أي: من القحط والجدب وقوله: فذلك {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى}[الدخان: ١٦] يعني: يوم بدر، وقال جماعة إنها يوم القيامة. وفي رواية أسباط عن منصور، فدعا - صلى الله عليه وسلم - فسقوا الغيث فأطبقت عليهم سبعًا (٤).
(١) "زاد المسير" ٧/ ٣٤٠. (٢) انظر: "تفسير الطبري" ١١/ ٢٢٧ - ٢٢٨ (٣١٠٥٦ - ٣١٠٦٢). (٣) رواه مسلم (٢٩٠١) كتاب: الفتن وأشراط الساعة، باب: في الآيات التي تكون قبل الساعة. والترمذي (٢١٨٣) كتاب: الفتن، باب: ما جاء في الخسف. وابن ماجه (٤٠٤١) كتاب: الفتن، باب: أشراط الساعة، والطبري في "تفسيره" ٣/ ١٧٢. (٤) سيأتي برقم (١٠٢٠) كتاب: الاستسقاء، باب: إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط.