وقوله:{وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} أي: بحطمكم ووطئكم. قال مقاتل: لقد علمت النملة أنه مَلِك لا بغي فيه، ولا فخر، وأنه إن علم بها قبل أن يغشاها لم يتوطاها (١)، لذلك قالت:{وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ}(٢).
ثم وقف سليمان بمَنْ معه ليدخل النمل مساكنها (٣). وهذا يدل على
= يتعرضن الذين ظلموا لما ينزل بهم من العذاب. ثم ذكر شرح ابن الأنباري لهذا القول، ثم ذكر قول أبي علي الفارسي: إنه نهي بعد أمر، واستغني عن استعمال حرف العطف معه لاتصال الجملة الثانية بالأولى كما استغني عن ذلك في قوله: {ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: ٢٢] و {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٣٩، وغيرها] ومحال أن يكون جواب الأمر بلفظ النهي، ودخول النون هاهنا يمنع أن تكون: {لَا تُصِيبَنَّ} جوابًا للأمر. قال أبو حيان: دخول نون التوكيد على المنفي بـ: لا، مختلف فيه؛ فالجمهور لا يجيزونه ويحملون ما جاء منه على الضرورة، أو الندور، والذي نختاره الجواز، وإليه ذهب بعض النحويين. "البحر المحيط" ٤/ ٤٧٧، وأطال الحديث عن هذه المسألة في سورة الأنفال، وفي سورة النمل، وتبعه السمين الحلبي، "الدر المصون" ٥/ ٥٨٩. قال ابن الأنباري: (لا) ناهية، ولهذا دخلت النون الشديدة في {يَحْطِمَنَّكُمْ} ولا يجوز أن يكون تقديره: إن دخلتم مساكنكم لم يحطمنكم، على ما ذهب إليه بعض الكوفيين؛ لأن نون التوكيد لا تدخل في الجزاء إلا في ضرورة الشعر. "البيان" ٢/ ٢٢٠. (١) "تفسير مقاتل" ٧٥ ب. (٢) أي: لا يعلمون أنهم يحطمونكم. "تفسير ابن جرير" ١٩/ ١٤١. وذكر الهواري ٣/ ٢٤٩، قولاً آخر اقتصر عليه ولم ينسبه، فقال أي: والنمل لا يشعرون أن سليمان يفهم كلامهم. وفي ذلك بعد، وقد نقد هذا القول محقق الكتاب. واستبعده الشوكاني ٤/ ١٢٧. وذكر القولين السمرقندي ٢/ ٤٩٢. والماوردي ٤/ ٢٠٠. ورد هذا القول ابن العربي، في أحكام القرآن ٣/ ٤٧٥. وذكر ابن الجوزي ٦/ ١٦٢، عن ابن عباس: وأصحاب سليمان لم يشعروا بكلام النملة. (٣) "تفسير مقاتل" ٧٥ ب. ونسبه "الماوردي" ٤/ ٢٠٠، لابن عباس.