النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في ذلك تقوية لقلبه على الصبر على أذى قومه.
وقال الزجاج (١): وتثبيت الفؤاد وتسكين القلب هاهنا ليس للشك، ولكن كما كانت الدلالة والبرهان أكثر كان القلب أثبت، قال إبراهيم عليه السلام:{وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}[البقرة: ٢٦٠]، وهذا الذي قال الزجاج معنى قول ابن عباس: لنزيدك يقينا.
وقوله تعالى:{وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ}، قال ابن عباس (٢) والحسن (٣) ومجاهد (٤) والأكثرون: يعني في هذه السورة.
قال أبو إسحاق (٥) وابن الأنباري (٦): وخصّت هذه السورة؛ لأن فيها أقاصيص الأنبياء ومواعظ، وذكر ما في الجنة والنار.
وقيل (٧): وجاءك في هذه الآيات التي ذكرت قبل هذا الموضع؛ وهو قوله:{وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ}[هود: ١٠٩] وقوله: {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ}[هود: ١١١] وقوله: {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}[هود: ١٠٥] الآيات، ويعني بالحق ما ذكر من أن الخلق يجازون بأنصبائهم، وأن بعضهم يصير إلى النار بشقائه، وبعضهم يصير إلى الجنة بسعادته، وخصت
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٨٤، وانظر: "تهذيب اللغة" (ثبت) ١/ ٤٧٠. (٢) الطبري ١٢/ ١٤٦، عبد الرزاق ٢/ ٣١٦، والفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٩٦، وأبو الشيخ وابن مردويه، كما في "الدر" ٣/ ٦٤٦، القرطبي ٩/ ١١٦. (٣) الطبري ١٢/ ١٤٦، "زاد المسير" ٤/ ١٧٣. (٤) الطبري ١٢/ ١٤٦، "زاد المسير" ٤/ ١٧٣. (٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٨٤. (٦) "زاد المسير" ٤/ ١٧٤. (٧) ساقط من (ب)، ذكر هذا القول الزجاج في معانيه ٣/ ٨٤.