وقال الحسن (١) ومجاهد (٢): بقية الله: طاعة الله، وعلى هذا معني البقية: الطاعة والمسارعة إلى الخيرات؛ وذلك لأنه يبقى ثوابها أبدًا. وقال قتادة (٣): حظكم من ربكم خير لكم.
قال ابن الأنباري: وتفسير البقية على هذا التأويل حظهم من الله وما يجب عليهم من تطلب (٤) رضاه بما يتعبدهم به، سميت بقية؛ لأنها تبقى ولا تبيد.
وقوله تعالى:{إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، قال أهل المعاني (٥): شرط الإيمان في كونه خيرًا لهم؛ لأنهم (٦) إن كانوا مؤمنين بالله عرفوا صحة ما يقول، وأيضًا فإنه يكون خيرًا لهم إذا كانوا مؤمنين.
وقوله تعالى:{وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}، ذهب بعضهم أنه قال هذا؛ لأنه لم يؤمر بقتالهم وإكراههم (٧) على الإيمان، وقد أحكمنا شرح هذا في
(١) المروي عن الحسن هو قوله: (رزق الله خير لكم من بخسكم الناس) أخرجه أبو الشيخ كما في "الدر" ٣/ ٦٢٧، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٧٢. (٢) الطبري ١٢/ ١٠٠، الثعلبي ٧/ ٥٤ أ، البغوي ٤/ ١٩٥، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٧٢. (٣) الطبري ١٢/ ١٠١، عبد الرزاق ٢/ ٣١١، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٧٢، وأبو الشيخ، كما في "الدر" ٣/ ٦٢٦، "زاد المسير" ٤/ ١٤٩. (٤) في (ي): (التطلب). (٥) "زاد المسير" ٤/ ١٤٩. (٦) ساقط من (ي). (٧) يفهم من هذا أن من الأنبياء من أمر أن يكره قومه على الإيمان، ونصوص الكتاب والسنة بخلاف ذلك، قال تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: ٢٥٦]. وقال: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: ٩٩]. وقال: {أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ} [هود: ٢٨]. فالدين ليس فيه إكراه لأنه يلزم فيه الإختيار، فلو آمن ظاهرًا خوفًا أو طمعًا فلا يصح إيمانه. انظر: الطبرى ١٢/ ٢٨ - ٢٩، ١٠١.