وذكر أبو علي وجهين آخرين فقال:{فِي كِتَابِ اللَّهِ} أي فيما فرض لهم من السهام في المواريث (١)، وذلك في سورة النساء، وذكرنا أن (كتب) بمعنى فرض يأتي في القرآن عند قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[البقرة: ١٧٨]، وهذا يقوي قول من لا يقول بتوريث ذوي الأرحام (٢)؛ لأنه لم يفرض لهم سهم في الميراث عند ذكر فرض السهام، قال: ويجوز أن يُعْنَى بالكتاب ههنا: التنزيل، أي: هم في فرض كتاب الله أولى بأرحامهم، قال: وأن يحمل الكتاب على المكتتب أولى، وذلك كقوله في سورة الأحزاب [٦]: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} إلى قوله: {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} والمسطور إنما يسطر في صحف أو ألواح، فَرَدُّ المطلق منهما إلى هذا المقيد أولى؛ لأنه أمر واحد (٣).
وقوله تعالى:{أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، قال ابن عباس: يريد: كل شيء خلق، وكل شيء فرض، وكل شيء حد (٤).
(١) اهـ. كلام أبي علي، انظر: "الحجة" ٢/ ٤٥٦. (٢) وهم: زيد بن ثابت ومالك والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وداود الظاهري وابن جرير، وهؤلاء يجعلون الباقي إذا لم يكن للميت من يعصبه لبيت المال. انظر: "المغني" ٩/ ٨٢، و"الشرح الكبير" ٤/ ٤٩. (٣) "الحجة للقراء السبعة" ٢/ ٤٥٦ بتصرف. (٤) لم أقف على مصدره، وفي "تنوير المقباس": "إن الله بكل شيء من قسمة المواريث وصلاحكم وغيرهما (عليم) "، وفي "الوسيط" ٢/ ٤٧٤: "إن الله بكل شيء: مما خلق وفرض وحد (عليم) ". ولم ينسبه.